أي تنزيهاً له عن ذلك..
(هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ).
وفي هذا دليل أن الذين اتخذوا من دونه أولياء قد دخل فيهم من قال
عيسى ابن اللَّه - جلَّ اللَّه وعزَّ عن ذلك -.
ومن قال: العُزيْرُ ابن اللَّه.
ثم بَيَّنَ - جلَّ وعزَّ - مَا يَدُل على توحيده بما خلق ويعجز عنه المخلوقونَ فقال:
(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦)
" ثُمَّ " لا تكون إلا لشيءٍ بعد شيء.
والنفس الواحدة يعني بها آدم - ﷺ - وزوجها حَوَّاءُ. وإنَّما قوله " ثُمَّ " لمعنى خلقكم من نَفْس واحدةٍ، أي خلقها
وَاحِدة ثم جعل منها زوجها، أي خلقها ثم جَعَل مِنها زَوْجَها قَبْلَكُمْ.
وقوله: (وأنْزَلَ لَكُمْ مِن الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ).
يعنى من الإبل ذَكَراً وأُنْثَى، ومن البقر ذكراً وأنثى ومن الضأن كذلك
ومِن المَعْزِ ذكراً وأُنثى.
يقال للذكر والأنثى زوجان كل وَاحِدٍ منهما يقال له
زوج.
(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ).
نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عِظَاما ثم تُكْسَى العظامُ لحْماً، ثم تُصَوَّرُ
وتنفخُ فيها الروحُ، فذلك معنى قوله: خَلْقاً من بعْدِ خَلْقٍ في ظلمات ثلاث في البطن، والرَّحِم، والمشيمة.
وقد قيل في الأصلاب والرحِم والبَطْن.
(ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ).
المعنى الَّذِي دَبَّر الخَلْقَ هَذا التَدْبِيرَ لَيْس كَمثِله شيء.
(فَأَنَّى تُصْرَفُونَ).