يعني أنه ليس له استجابة دعوة في الدنيا ولا في الآخرة.
قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله: (لَا جَرَمَ)، فقال: لا جَرَمَ رَدٌّ
لِكَلَام. والمعنى وجب أَنَ لَهُمُ النَّارَ، وحق أن لهم النارَ.
وأنْشَدَ:
ولقد طعنت أبا عيينة طَعْنَةً... جَرَمَتْ فَزَارةَ بَعدهَا أَن يغضبوا
المعنى كسبتهم الغَضَبَ، وأحَقَّتْهُمُ بالغضب.
فمعنى (لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) لقد وجب أن ما تدعونني إليه ليس له دَعْوَةُ أي وجب بطلان دعوته.
(وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ).
وَجَبَ مَرَدُنا إلى اللَّهِ، وكذلك (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ).
* * *
وقوله - عزَّ وجلَّ -: (سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)
(النَّارُ) بدل من قوله (سُوءُ العَذَابِ)، وجائز أن تكونَ مرتفعة على إضمار
تفسير سوء العَذَابِ، كان قائلا قال: ما هو؟ فكان الجوابُ هو:
(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا)
فإن قال قائل: كيف يُعرضُونَ عليها وهم من أهل النار؟
فجاء في التفسير أن أرواحهم في أجواف طير سُودٍ تعرض على النار بالغَدَاة والعشى إلى يوم القيامَةِ.
ألا ترى أن - بعده (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)
ويقرأ ادخُلُوا على معنى الأمر لهم بالدخول، كأنَّه ويوم تقوم الساعة
يقول ادخلوا يا آل فرعون أشد العذاب.
وقرئت (أدخِلُوا) على جهة الأمْرِ للملائكة بإدخَالِهِمْ أَشَدَّ العَذَابِ.
* * *
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)
(وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
أي: الملائكة، وأحدهم شاهدٌ، مثل صاحب وأصحاب.