تفسير قوله: (ما وَصى بِهِ إبْرَاهِيمَ) - وموضع " أن " يجوز أن يكونَ نَصْباً
وَرَفْعاً وَجَرَّا.
فالنصْبُ على معنى شرع لكم أن أقيموا الدِّينَ.
والرفع على معنى هو أن أقيموا الدِّينَ، والجر على البدل من الباء، والجر أَبْعَدُ هذه الوُجُوه، وجائز أن يكونَ أن أقيموا الدِّينَ تفسيراً لما وصى به نوحاً ولقوله (والذي أوحينا إليك) ولقوله: (وما وَصيْنَا بِهِ إبرَاهِيم).
فيكون المعنى: شرع لكم وَلمَنْ قبلكم إقامة الدِّينِ وَتَركَ الفرقة، وشرع الاجتماع على اتباع الرسُلِ
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١٤)
أي وما تفرق أهل الكتاب إلا عَنْ علْم بأن الفرقة ضَلاَلَةٌ ولكنهم فعلوا
ذلك بغياً أي للبغي.
وقوله: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ).
أي لَجُوزُوا بأعمالهم، والكلمة هي تأجيله الساعة، يدل على ذلك
قوله: (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ).
* * *
وقوله: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٥)
(فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ).
معناه فإلى ذلك فادع واستقم أي إلى إقامَةِ الدِّين (فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ).
أي آمَنْتُ بكتب اللَّه كُلِّهَا، لأن الذين تفرقوا آمنوا ببعض الكتب وكفروا
ببعض.
* * *
وقوله: (اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧)
(الْمِيزَان) العدل
(وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ).
إنما جاز (قَرِيبٌ) لأن تأنيث الساعة غير تأنيث حقيقي، وهو بمعنى لعل