وقوله: (وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ).
(معارج) دَرَج واحدها مَعْرج.
المعنى وجعلنا معارج من فِضةٍ، وكذلك:
(أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤)
أي أَبْواباً من فضةٍ وسُرُراً من فِضةٍ.
(وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)
(وَزُخْرُفًا).
الزخرف - جاء في التفسير أنه ههنا الذهَبُ، إلا زيد بن أسلم فإنه
قال: هو متاع البيت، والزخرف في اللغة الزينة وكمال الشيء فيها، ودليل
ذلك قوله: (حتى إذَا أَخَذتِ الأرْضُ زُخْرُفَها) أي كمالها وَتَمامَها.
(وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ).
معناه وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنْيَا، ويقرأ لَمَا متاع
و" ما " ههنا لَغْوٌ، المعنى لَمَتاعُ (١).
* * *
وقوله: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً).
أي: لَوْلاَ أن تميل بهم الدنيا فيصيرَ الخلق كفاراً لأعطى اللَّه الكافر في
الدنيا غاية ما يتمنى فيها لِقِلَّتِهَا عِنْدَهُ، ولكنه - عزَّ وجلَّ - لم يفعل ذلك لعلمه بأن الغالب على الخلقِ حبُّ العَاجِلَة.
* * *
وقوله: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦)
ويقرأ (وَمَنْ يَعْشَ) بفتح الشين من عَشِيَ يَعْشَى، أي من يَعْمَ عن ذكر الرْحْمنِ.
قوله: ﴿وَزُخْرُفاً﴾: يجوز أَنْ يكونَ منصوباً ب جَعَلَ أي: وجَعَلْنا لهم زخرفا. وجوَّز الزمخشري أن ينتصبَ عطفاً على محلِّ «مِنْ فضة» كأنه قيل: سُقُفاً من فضةٍ وذَهَبٍ أي: بعضُها كذا، وبعضها كذا.
وقد تقدَّم الخلافُ في «لَمَّا» تخفيفاً وتشديداً في سورة هود، وقرأ أبو رجاء وأبو حيوةَ «لِما» بكسر اللام على أنها لامُ العلةِ دَخَلَتْ على «ما» الموصولة وحُذِفَ عائدُها، وإنْ لم تَطُل الصلةُ. والأصل: الذي هو متاعٌ كقولِه: ﴿تَمَاماً عَلَى الذي أَحْسَنَ﴾ [الأنعام: ١٥٤] برفع النون. و «إنْ» هي المخففةُ من الثقيلة، و «كل» مبتدأ، والجارُّ بعده خبرُه أي: وإن كل ما تقدَّم ذِكْرُه كائن للذي هو متاعُ الحياة، وكان الوجهُ أن تدخُلَ اللامُ الفارقة لعدم إعمالِها، إلاَّ أنَّها لما دَلَّ الدليلُ على الإِثباتِ جاز حَذْفُها كما حَذَفها الشاعرُ في قوله:
٣٩٩٢ أنا ابنُ أباةِ الضَّيْم مِنْ آلِ مالكٍ... وإنْ مالكٌ كانَتْ كرامَ المعادنِ
اهـ (الدُّرُّ المصُون).