قال: ألم يأتكم في التوراة عن موسى عليه السلام: إذا رأيتم محمداً فأقرئِوه السلام مني وآمنوا به، وأَقْبَلَ يَقِفُهُمْ من التوراة على أَمْكنةٍ فيها ذكر النبي - ﷺ - وصفته، وهم
يستكبرون ويجحَدون ويتعمدون ستر ذلك بِأيْدِيهم.
وجواب: (إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) أتؤمِنُونَ.
ثم أعلم أن هؤلاء المعاندين خاصة لَا يؤمِنونَ، فقال: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
أي قد جعل جزاءَهم على كفرهم بعدما تَبَينَ لهم الهُدَى مَدَّهم في الضلَالَة.
وَقِيلَ في تفسير قوله: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ)
عَلَى مثل شهادَةِ عبْد اللَّه بن سَلَام.
والأجود - واللَّه أعلم - أن يكون (عَلَى مِثْلِه) على مثل شهادة النبي - ﷺ -.
* * *
وقوله: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١)
جاء في التفسير أنه لما أسلمت جُهَينة ومُزَينَةُ وأسلم وغِفار، قالت بَنو
عَامِرٍ وغطفان وأسد وأشجع: لو كان ما دخل فيه هؤلاء مِنَ الذِين خَيراً ما
سبقونا إليه، ونحن أعز مِنْهمْ، وَإنما هؤلاء رُعَاةُ الْبَهْمِ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢)
(إِمَامًا) منصوب على الحال وقوله: (وَرَحْمَةً) عطف علَيْهِ.
(وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا).