وليس شيء في الشجَرِ يورِقُ غُصْنُه من أوله إلى آخره مثلُ الزيْتُونِ
والرمَّانِ
قَال الشاعِرُ:
بورِكَ الميتُ الغريبُ كما... بُورِكَ نَظْم الرُمان والزيْتونِ
قوله عزَّ وجلَّ: (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ).
أكثر التفسير أنها ليست مما تطلع عليه الشمسُ في وقت شروقها فقط أو
عِنْدَ الغُروبِ، أي ليس يسترها في وقت من النهَارِ شيءٌ، أي فهي شرقية
غربيَّة، أي تصيبها الشمس بالغداة، والعَشِىِ، فهو أنضر لها وأجود لزيتها
وزَيْتونها.
وقال الحسن: إن تأويلَ قوله: (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) أنها ليست من
شجر الدُّنْيَا أي هي من شجر الجنَّةِ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦)
جاء في التفسير أَن تبْنَى، وقال الحسنُ: تأويل " أَنْ ترْفَعَ " أن تعظَّمَ.
و" في " من صِلَةِ قوله (كَمِشْكَاةٍ).
المعنى كَمِشْكاةٍ في بيوتٍ، أي فِي مَسَاجِدَ.
وقال الحسن يُعْنَى بِهِ بيتُ المقدِسِ.
ويجوز أن تكون " في " متصلة بـ (يُسَبِّحُ)
ويكون فيها تكريراً على التوكيد، فيكون المعنى يسبح لِلَّهِ رِجَالٌ في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ لأنْ تُرْفَع (١).
وتقرأ (يُسَبَّحُ) له فيها، فيكون رفع رجال هَهُنَا على تفسير

(١) قال السَّمين:
قوله: ﴿فِي بُيُوتٍ﴾: فيها ستةُ أوجهٍ. أحدُها: أنها صفةٌ ل «مِشْكاةٍ» أي: كمِشْكاةٍ في بيوتٍ أي: في بيتٍ من بيوتِ الله. الثاني: أنه صفةٌ لمصباح. الثالث: أنه صفةٌ ل «زجاجة». الرابع: أنه متعلقٌّ ب «تُوْقَدُ». وعلى هذه الأقوالِ لا يُوقف على «عليم». الخامس: أنه متعلِّقٌ بمحذوفٍ كقولِه ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾ [النمل: ١٢] أي: يُسَبِّحونه في بيوت. السادس: أَنْ يتعلَّقَ ب «يُسَبِّحُ» أي: يُسَبِّحُ رجالٌ في بيوت. وفيها تكريرٌ للتوكيدِ كقولِه: ﴿فَفِي الجنة خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [هود: ١٠٨]. وعلى هذه القولَيْن فيُوْقَفُ على «عليم». وقال الشيخ: «وعلى هذه الأقوالِ الثلاثةِ» ولم يُذْكر سوى قولين.
قوله: ﴿أَذِنَ الله﴾ في محلِّ جرٍّ صفةً ل «بيوتٍ»، و «أن تُرفع» على حَذْفِ الجارِّ أي: في أَنْ تُرْفَعَ. ولا يجوزُ تَعَلُّقُ «في بيوت» بقوله: «ويُذْكَرُ» لأنه عطفٌ على ما في حَيِّز «أَنْ»، وما بعد «أَنْ» لا يتقدَّم عليها. اهـ (الدُّرُّ المصُون)


الصفحة التالية
Icon