وقوله: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٧)
القراءة بالتاء على معنى: لا تَحْسَبَنَّ يا مُحَمًد الكَافِرِينَ مُعْجِزينَ، أي
قدرةُ اللَّهِ محيطة بِهِمْ وقرئت: لَا يُحْسَبَن عَلَى حَذْفِ المفعول الأول مِنْ
يحسَبَن على معنى لا يَحْسَبَن الذين كفروا إياهم معجزين في الأرض، كما
تَقُولُ زَيْد حَسِبهُ، فإنما تريد حَسِبَ نَفْسَه قَائِماً، وكأنه لا يَحْسَبَنَّ الذين كفروا أَنْفُسَهم مُعْجِزين، وهذا في بَابِ ظَنَنْتُ، تطرح فيه النفس يُقَالُ ظننتُنِي أَفْعَلُ، ولا يقال ظننت نفسي أفعلُ، وَلَا يَجُوُز ضَرَبْتُنِي، استُغْني عنها بِضَرَبتُ نَفْسِي.
* * *
وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨)
فأمر اللَّه عزَّ وجلَّ بالاستئذان في الأوقات التي يُتَخَفى فيها
ويتكشفون، وَبيَّنَها فقال: (مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ).
يعنى به العَتَمة عشاء الآخرة، فأعلم أنها عورات فقال (ثَلَاثُ عَوْراتٍ
لَكُمْ)، على معنى هي ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ، وقرئت " ثَلَاثَ عَوَرَاتٍ لَكُمْ "
والإِسكان أكثر لثقل الحركة والواو.
تقول طلحة وطَلَحات، وجمْرة وجمَرات.
ويجوز في لوزة لَوَزَات بحركة الواو، والأجْوَدُ لَوْزَات، ويجوز ثَلاثَ عَوَراتٍ
بالنصْبِ، على معنى ليستأذتوكم ثلاثَ عَوْرَاتٍ، أي في أَوْقَاتِ ثلاث عَوْراتٍ.
وقوله: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ).
أي ليس عليكم جناح ولا عليهم في أنْ لاَ يَسْتَأذِنُوا بعد أن يمضي كل
وَقْتٍ من هذه.


الصفحة التالية
Icon