(أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨)
(أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ) وإن شئت أو " يَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ "، ولا يجوز النَّصْبُ في (يكونَ له)، لأن يكون عطف على الاستفهام، المعنى: لولا أنزل إليه مَلك أو يُلْقَى إليه كَنْزٌ، أو تكون له جَنَّة، والجنة البستان فأعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أنه لو شاء ذلك وخيراً منه لَفَعَلَه، فقال:
(تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (١٠)
أي لو شاء لفعل أكثر مِمَّا قَالُوا، وقد عرض اللَّه - عزَّ وجلَّ - على النبي - ﷺ - أمر الدنيا فَزَهِدَ وآثَرَ أَمْر الآخِرَةِ.
فَأما " يَجْعَلْ " فبالجزم، المعنى إن يشأ يَجْعَلْ لَكَ جَنَّاتٍ، ويجْعَلْ لك قُصُوراً ومن رفع فعلى الاستئناف، المعنى وسَيَجْعَلُ
لَكَ قُصُوراً، أي سيعطيك اللَّه في الآخرةِ أكْثَرَ مِمَّا قالوا.
وقوله: (أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلْ مِنْهَا) و (يَأْكُلُ مِنْهَا).
* * *
وقوله: (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢)
أي سمعوا لها غليان تَغيظٍ.
* * *
وقوله: (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣)
(دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا).
في معنى " هلاكاً " ونصبه على المصدر كأنهم قالوا ثُبِرْنا ثبوراً.
* * *
(لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (١٤)
أي هلاككم أكثر من أن تدعوا مَرةً واحِدَةً.
وقيل، ثُبُورًا كَثِيرًا، لأن ثبوراً مصدرٌ فهو للقليل والكثير على لفظ الوَاحِدِ، كما تَقُولُ: ضربته ضَرْباً