أي أتصبرون على البلاء فقد عُرفْتُمْ مَا وُعِدَ الصابرون.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (٢١)
معنى " لولا " هَلَّا.
(أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا).
فأَعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أنَّ الذين لا يوقنون بالبعث، ولا يرجون الثواب
على الأعمال عند لقاء الله طلبوا من الآيات ما لم يأت أمةً من الأمَمِ.
فأعلم الله عزَّ وجلَّ أنهم قد استكبروا في أنفُسِهم وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا، ويجوز عتواً كثيراً بالثاء، والعتو في اللغة المجاوزة في القدر في الظلْمِ.
وأعلم الله - عزَّ وجلَّ - أن الوقت الذي يَرَوْنَ فيه الملائكة هو يوم القيامَةِ، وأن الله قد حرمهم البُشْرى في ذلك الوقت فقال:
(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (٢٢)
(يَوْمَ يَرَوْنَ) مَنْصُوبٌ على وَجْهَيْن:
أحدهما على معنى لا بُشْرى تكون للمجرمين يوم يَرَوْنِ الملائكة.
وَ " يَومَئِذٍ " هو مؤكد " لِيَوْمَ يَرَوْنَ المَلَائِكَةِ "، ولا يجوز أن يكون مَنْصُوباً بقوله " لاَ بُشْرى " لأن ما اتصل بلا لا يَعْمَلُ فيما قَبْلَهَا.
ولكن لَمَّا قيل لاَ بُشْرى للمُجْرِمين بُيِّنَ في أي يوم ذَلِكَ، فكأنه قيلَ يجمعون
البشرى يوم يرون الملائكةَ، وهو يوم القيامة.
(وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا).
وقرئت " حُجراً " بضم الحاء " والمعنى وتقول الملائكة حِجْرًا مَحْجُورًا.
أي حراماً مُحَرماً عَلَيْهم البُشْرى، وأصل الحجر في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أي
ما مَنَعْتَ من أن يوصل إليه، وكل ما منعت منه فقد حَجَرت عليه، وكذلك
حَجَر القُضَاةُ على الأيْتَام إنما هو مَنعُ إياهُمْ عن التصرف في أَمْوَالِهِمْ.
وكذلك الحجرة التي ينزلها الناس هو ما حَوَّطوا عليه.
ويجوز أنْ يَكُونَ " يومَ "


الصفحة التالية
Icon