وقوله عزَّ وجلَّ: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)
(الْحَقُّ) صفة للمُلْكِ، ومعناه أن الملك الذي هو الملك حقًّا هو ملك
الرحمن يوم القيامة كما قال عزَّ وجلَّ: (لِمَنِ المُلْكُ اليَوَمْ) لأن الملكَ
الزائل كأنَّه ليس بملك.
ويجوز " الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ [الْحَقَّ] لِلرَّحْمَنِ " ولم يقرأ بها فلا
تقرأنَّ بها، ويكون النصب عَلَى وجْهَيْن:
أحدهما على معنى الملك يومئذ للرحمن أَحُق ذَلِكَ الْحَقِّ، وعلى أَعْني الحق.
* * *
وقوله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧)
يروى أن عقبة بن أبي مُعَيْط هو الظالم ههنا، وأنه يأكل يَدَهُ ندما ثم
يَعُودُ وأنه كان عزم على الإسلام فبلغ ذلك أُمَيَّةَ بن خَلَفٍ فقال له أُمَية:
وَجْهي من وجهك حرام إنْ أَسْلَمْتَ، إنْ كَلَّمتُك أبداً، فامتنع أمية من
الإسلام لقول أُمَيَّةَ فإذا كان يوم القيامَةِ أكل يَدَهُ نَدَماً وتمنى أن آمن واتخذ مع
النبي عليه السلام طريقاً إلى الجَنةِ.
وهو قوله: (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي).
وقد قيل أيضاً في (لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا)، أي لم أتخذ الشيطان
خَلِيلًا، وتصديق هَذَا القول (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا).
ولا يمتنع أن يكون قبوله مِنْ أُميَّةَ من عمل الشيطانِ وأعوانه.
ويجوز (اتَّخَذْتُ) بتبيين الذال، وبإدغامها في التاء، والإدْغَام أكثر وأَجْوَدُ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (٣٠)