قال: (بَلْ هُمْ أَضَل سَبِيلاً).
لأن: الأنعام تسبح بحمد الله وتسجُدُ له وهم كما قال اللَّه عزَّ وجلَّ:
(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً).
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (٤٥)
الظل: من وقت طلوع الفجر إلى وقت طلوع الشمس.
(وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنً)، أَي ثابتاً دائِماً لاَ يَزُول.
(ثم جَعَلْنَا الشمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً).
فالشمس دَليلُ عَلَى الظِّلِ، وهي تنسخ الظلَّ.
* * *
(ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (٤٦)
قيل خَفِيًّا، وقيل سَهْلًا، ومعنى أَلَمْ تر، ألم تَعْلَم، وهذا من رؤية
القلب.
ويجوز أن يكون ههنا من رؤية العَيْن، ويكون المعنى: ألم تر كيف
مَدَّ الظِلَّ رَبُّكَ!
والأجْودُ أَنْ يَكُونَ بمعنى ألم تَعْلَمْ.
* * *
وقوله: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨)
فيها ستة أَوْجُهٍ، نَشْراً بفتح النون، ونُشْراً بِضَمهَا، وُنُشُراً بضَم النونِ
والشِينِ، ويجوز بُشْرَى مؤنث بالباء على وزن فُعْلَى، وبُشْراً بالتنوين والباء.
وبُشُراً بين يدي رَحْمِتِه، فهذه سِتًةُ أَوْجُهٍ منها أربعة يقرأ بها.
فأمَّا نَشْراً فمعناه إحْيَاءٌ ينشر السحاب الذي به المطر، الذي فيه حياة كل شيءٍ.
ومن قرأ نشُراً فهو جمعِ نُشُور ونُشُر مثل رسول وَرُسُل، ومن قرأ بالإسكان أسْكَنَ الشِينَ اسْتِخفَافاً، فهذه ثلاثة أوجه فِي النُّونِ.
فأمَّا الباء فمن نَوَّنَ بالبَاءِ وَضَمِّها وَتَسْكِين الشِين، فإنما هو بِتَسْكين العَيْنِ من قولك بُشْراً، وإذا لم يُنَوِّنْها فألِفها


الصفحة التالية
Icon