والقَصْدِ.
وجاء في التفسيبر أَيْضاً أن الإسراف ما يقول الناسُ فيه فلان مُسْرِفٌ.
والحق في هذا ما أدَّب اللَّه عزَّ وجلَّ به نبيَّهُ - ﷺ - فقال: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (٢٩).
* * *
وقوله: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨)
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا).
" يَلْقَ " جزم على الجزاء، وتأويل الأثام تأويلُ المُجَازَاةِ على الشَيْءِ.
قال أبو عمرو الشيباني: يقال قد لَقِيَ أثامَ ذلك أي جزاء ذلك.
وسيبويه والخليل يذهبان إلى أن معناه يلقى جزاء الأثام، قال سيبويه جُزِمَتْ. (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ)، لأن مضاعفة العذاب لُقِيَ الأثام
كما قال الشاعر:
مَتَى تَأتِنَا تُلْمِمْ بنا في دِيارِنا... تَجِدْ حَطَباً جزْلاً وناراً تَأجَّجَا
لأن الِإتيان هو الِإلمام، فجزم تلْمم لأنه بمعنى تأتي.
وقرأ الحَسَنُ وَحْدَهُ " يُضَعَّفْ " له العذاب، وهو جيّدٌ بالغٌ، تقول ضاعفت الشيء وَضَعَّفَتُه.
وقرأ عَاصِمٌ: (يُضَاعَفُ لَهُ الْعَذَابُ) بالرفع (١). على تأويل تفسير يلق أَثَاماً، كأنَّ قائلًا قال مَا لُقيُّ الأثام، فقيل يضاعف للآثم العَذَابُ (٢).
* * *
وقوله: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠)
ليس أن السيئَةَ بعينها تصير حَسَنةً، ولكن التأويل أن السيئَة تمحى
بالتوْبَةِ وتكتب الحسنة مع التوبة، والكافِرُ يُحْبِطُ اللَّه عَمَلَه ويثبت اللَّه عليه
السَّيِئَات.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢)
(٢) قال السَّمين:
قوله: ﴿يُضَاعَفْ﴾: قرأ ابن عامر وأبو بكر برفع «يُضاعَفُ» و «يَخْلُدُ» على أحدِ وجهين: إمَّا الحالِ، وإمَّا على الاستئنافِ. والباقون بالجزمِ فيها، بدلاً من الجزاء بدلَ اشتمال. ومثلُه قولُه:
٣٥٠٠ متى تأتِنا تُلْمِمْ بنا في ديارِنا... تَجِدْ حَطَباً جَزْلاً وناراً تَأَجَّجا
فأبدلَ من الشرطِ كما أبدل هنا مِنَ الجزاءِ. وابنُ كثير وابنُ عامرٍ على ما تقدَّم لهما في البقرةِ من القَصْر والتضعيفِ في العين، ولم يذكرِ الشيخُ ابنَ عامرٍ مع ابنِ كثير، وذكرَه مع الجماعة في قراءتهم.
وقرأ أبو جعفر وشيبة «نُضَعِّفْ» بالنون مضمومة وتشديدِ العين، «العذابَ» نصباً على المفعول به. وطلحة «يُضاعِف» مبنياً للفاعل أي اللَّهُ، «العذابَ» نصباً. وطلحة بن سليمان و «تَخْلُدْ» بتاءِ الخطابِ على الالتفاتِ. وأبو حيوةَ «وُيخَلِّد» مشدداً مبنياً للمفعولِ. ورُوِي عن أبي عمروٍ كذلك، إلاَّ أنه بالتخفيف.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).