التعَحب، ومجراه من اللَّه - عزَّ وجلَّ - في مخاطبة العباد مجرى ما يعظم به
الشأنُ عندهم..
ومثله (الحاقة ما الحاقة)، و (القارعة ما القارعة).
ومعنى (أصحاب الميمنة) أصحاب اليمين.
(وأصحاب المشامة) أصحاب الشمال.
(وأصحاب اليمين) هم أصحاب المنزلة الرفيعة.
وأصحاب الشمال هم أصحاب المنزلة الدنيئة الخسيسة.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١)
معناه - واللَّه أعلم - السابقون السابقون إلى طاعة اللَّه عزَّ وجل
والتصديق بأنبيائه.
والسابقون الأول رفع بالابتداء، والثاني توكيد، ويكون
الخبر (أولئك المقربون).
ثم أخبر أين محلهم فقال: (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢)
ويجوز أن يكون السابِقُون الأول رفعاً بالابتداء.
ويكون خبره (السابقون) الثاني.
فيكون المعنى - واللَّه أعلم - السابقون إلى طاعة اللَّه السابقون إلى
رحمة اللَّه.
ويكون (أولئك المقربون) من صِفتهم.
* * *
وقوله: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤)
(ثُلَّةٌ) رفع على معنى هم (ثُلَّةٌ).
والثُّلَّة: الجماعَة، وهذا - واللَّه أعلم - معنى (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) أي جماعة ممن عاين الأنبياء وصدق بِهِمْ.
فالذين عاينوا جميع النبيين وصدَّقوا بِهِم أكثر ممن عاين النبي عليه السلام، وذلك قوله في قصة يونس: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (١٤٨).
هَؤلاء سوى سائر من آمن بجميع الأنبياء ممن عاينهم وصَدَّقَهُم
ويجوز أن يكون الثُّلَّة بمعنى قليل من الأولين وقليل من الآخرين.
لأن اشتقاق الثلة من القطعة.
والثل الكسر والقطع، والثُّلَّة نحو الفئة والفرقة.
* * *
وقَوْلُه: (عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦)