أي حتى أنزل الله نَصْرَهُ عَلَى نَبِيِّهِ والمؤمنين.
(وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ).
أيْ غَرَّكُمُ الشَيْطَانُ، وهو الغرور على وَزْن الفَعُول، وَفَعُول من أسماء
المبالغة، تقول: فلان أكول إذا كانَ كثير الأكل وضروبٌ إذَا كانَ كثير
الضرْبِ، ولذلك قيل للشيطان: الغرور لأنه يَغُرُّ ابنَ آدم كثيراً، فإذا غرَّ مرة واحدةً فهو غارٌّ، ويصلح غارٌّ للكثير، فأمَّا غَرُورُ فلا يصلح لِلْقَلِيْلِ، وقرئت (الغُرُورُ) وهو كل ما غرَّ من متاع الدنيا.
ومعنى (ارْتَبْتُمْ) غَلَّبْتُمُ الشكَّ على اليقين.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٥)
هي أوْلَى بِكُمْ لما أسْلَفْتُمْ من الذُنُوبِ، ومثل ذلك قول الشاعر:
فَعَدَتْ كِلا الفَرْجَيْن تَحْسِبُ أَنه... مَوْلَى المَخافَةِ خَلْفُها وأَمامُها
مثل ذلك. أي مولى المخافة خلفها وأمامها.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (١٦)
(وَمَا نَزَّلَ مِنَ الْحَقِّ)
ويقرأ (وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) - بالتخفيف.
وقوله (يَأْنِ) من أنَى يَأني، ويقال آن يئين.
وفي هذا المعنى ومعناه " حَانَ يَحِينُ ".
وهذه الآية - واللَّه أعلم - نزلت في طائفة من المؤمنين حُثوا عَلَى الرِّقَّة
والرحمةِ والخشوع.
فأما من كان ممن وصفه - عزَّ وجلَّ - بالخضوع والرقة
والرحمة فطائفة من المؤمنين فوق هؤلاء.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ)