وقوله عزَّ وجلَّ: (ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ).
المعنى ذلكم التغليظ في الكفَّارة توعظون به.
وقال بعض الناس لا تجب الكفَّارة حتى يقول ثانية: أنت عليَّ كظهر أُمِّي. وهذا قول من لا يدري اللغة، وهو خلاف قول أهل العلم أجمعين.
إنما المعنى ثم يعودون العودة التي من أجل القول، فلتلك العودة تلزم الكفارة لا لكل عودَة.
وفيها قول آخر للأخفش وهو أن يُجْعَلَ " لما قالوا " من صلة فتحرير رقبة، فالمعنى عنده: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون فتحرير رقبة لما قالوا، فهذا مذهب حسن أيضاً.
والدليل على بطلان هذا القائل أن " ثم يعودون لما قالوا " أن يقول ثانية: أنت على كظهر أُمِّي - قول جميع أهل العلم ومتابعته هو إياهم:
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا)
فأجمعوا أنه ليس (فَإِنْ فَاءُوا) فإن حَلَفُوا ثانية.
ومعنى فاءوا في اللغة وعادوا معنى واحد.
وقوله: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)
كناية عن الجماع، ودليل ذلك قوله: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ).
فالمعنى من قبل أن تدخلوا بِهِنَّ.
* * *
وقوله: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤)
المعنى فمن لم يجد الرقبة فكفارته صيام شهرين متتابعين، وإن شئت
فعليه صيام شهرين متتابعين.
ولو قرئت فَصِيَامٌ شهرين جَازَ كما قال اللَّهُ - عزَّ وجلَّ -
(أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥).
ولا أعلم أحداً قرأ بالتنوين.
* * *
وقوله: (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا).


الصفحة التالية
Icon