وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)
(فِي الْمَجْلِسِ) (تَفَسَّحُوا)
ويقرأ (في المَجَالِس) وتقرأ (تَفَاسَحُوا).
وجاء في التفسير أن المجلس ههنا يعنى به مجلس النبي - ﷺ -
وقيل في المجالس مجالس الحرب مثل قوله تعالى: (مقاعد للقتال).
فأمَّا مَا أمِروا به في مجلس النبي عليه السلام فقيل إن الآية نزلت بسبب عبد اللَّه بن شَمَّاسٍ وكان من أهل الصفَّةِ، وكان من يجلس في مجلس النبي - ﷺ - من ذوي الغِنَى والشرف كأنهم لَا يُوَسعُون لِمَنْ هو دونَهمْ، فأمر اللَّه المؤمنين بالتواضع وأن يفسحوا في المجلس لمن أرادَ النبي - ﷺ - ليتساوى الناس بالأخذِ بالحظ منه.
(وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا).
أي إذا قيل انهضوا - قوموا - فانهضوا.
وهذا كما قال: (وَلَامُسْتَانِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُوذِي النَبِى فَيَسْتَحي مِنْكُمْ).
وَقِيلَ أيْضاً (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) أي إذا قيل قوموا لصلاة
أو قضاء حَقٍّ أو شهادَةٍ فانشُزُوا.
ويجوز " انشُروا فانْشُرْوا، جميعاً يقرأ بهما ويرويان عن العرب نشر ينشرُ وينْشِز.
* * *
وقوله: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
والدليل على فضل أهل العلم ما روي عن النبي - ﷺ - أنه قال: عبادةُ العالم يَوْماً واحِداً تعدِلُ عِبَادَةَ العابد الجاهل أربعين سنةً.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)
أي إذا خاليتم الرسول بالسِّرِّ فقدموا قبل ذلك صدقة وافعلوا ذلك.
وقيل إن سبب ذلك أن الأغنياء كانوا يستخلون النبي - ﷺ - فَيُسَارُّونَه بما يريدونَ، وكان الفقراء لا يتمكنون من النبي - ﷺ - تمكنهم ففرض عليهم


الصفحة التالية
Icon