الفعل في ذا المعنى لم يستعمل إلا بزيادة.
وقوله عزَّ وجلَّ: (أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ).
قال أبو عبيدة: حزب الشيطان جند الشَيطان، والأصل في اللغة أن
الحزب الجمع والجماعة، يقال منه: قد تحزب القوم إذا صاروا فِرَقاً، جماعةً
كذا وجماعة كذا.
* * *
وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠)
قد فسرنا يحادون ومعناه يشاقونَ أي يصيرون في غير حَد أولياء اللَّه.
وفي غير شِقِّهِمْ.
(أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ)، أي أولَئِكَ في المغلوبين.
* * *
وقوله: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)
أي قضى الله قضاء ثابتاً، ومعنى غلبة الرسل عَلَى نَوعين:
مَنْ بُعِثَ بالحرب فغالب في الحرب.
ومن بعث منهم بغير حرب فهو غالب بالحجة.
(إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
أي مانعٌ حِزْبَهُ من أن يُذَلَّ لأنه قال جلَّ وعلَا: (أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ).
والعزيز الذي لا يُغلب وَلَا يُقْهَر.
* * *
وقوله: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)
جاء في التفسير أن هذه الآية نزلت بسبب حاطب بن أبي بَلْتَعة، وكان
النبي - ﷺ - عزم على قصد أهل مكة فكتب حاطب يشرح لهم القصةَ وُينْذِرَهمْ ليحرزوا فنزل الوحي على رسول اللَّه - ﷺ - فذكر حاطبٌ لَمَّا وُبِّخَ بذلك أن له بمكة أهلاً وأنه لَيس لَه أحدٌ يكنفهم، وإنما فَعَلَ ذلك ليحاط أهله، فأعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أن إيمان المؤمِنِ يَفْسدُ بِمَوَدةِ الكفار بالمعاونة على المؤمنين.
وأعلم اللَّه تعالى أنه من كان مؤمناً باللَّه واليوم الآخر لا يوالي مَنْ كَفَر، ولو
كان أباه أو أُمَّه أو أخاه أوْ أحَداً مِنْ عَشِيرته.