بينْه تبييناً، والتبيين لا يتم بأن يعجل في القرآن، إنما يتم بأن تبين
جميع الحروف وتوفي حَقَها في الإشباع.
* * *
قوله - عزَّ وجلَّ -: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)
جاء في التفسير أنه يثقل العمل به، لأن الحلال والحرام والصلاةَ
والصيَامَ وجميع ما أمر اللَّه به أن يعمل، ونهى عنه، لا يؤديه أحد إلا بتكلف
ما يثقل عليه.
ويجوز على مذهب أهل اللغة أن يكون معناه أنه قول له وَزْن في صِحتِه
وبيانه ونفعه، كما تقول: هذا كلام رَصِينٌ، وهذا قول له وَزْن، إذا كنت
تستجيدُه وتعلم أنه قد وقع موقع الحكمة والبيانِ.
* * *
قوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦)
(وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)
وتقرأ: (وِطْاءً وَأَقْوَمُ قِيلًا).
(نَاشِئَةَ اللَّيْلِ) ساعات الليل كلها، كلما نَشَأ منه، أي كل مأ حدث منه
فهو ناشئة، ومعنى هي أَشَدُّ وَطْئًا أي أشد مواطأة لتقلب السمع.
ومَنْ قَرَأَ (وَطْئًا) - بفتح الواو - فمعناه هي أبلغ في القيامِ وأبين في القول، ويجوز أن يكون أشد وطأ أغلظ على الإنسانِ من القيام بالنهار، لأن الليل جُعِلَ لِيُسْكنَ فيه.
وقيل أشد وَطئًا أي أبلغ في الثواب، لأن كل مجتهد فثوابه عَلَى قَدْرِ اجتهاده.
* * *
قوله: (إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧)
معناه فراغاً طويلاً ومتصرفاً طويلاً.
* * *
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨)
أي إن فاتك شيء من الليل فلك في النهار فراغ.


الصفحة التالية
Icon