وقوله: (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥)
معناه أَنَه يُسوِّفُ بالتوبة، وُيقَدِّم الأعمال السيئَةَ.
ويجوز - واللَّه أعلم - أن يكون معناه ليكفرَ بِمَا قُدَّامَهُ. ودليل ذلك قوله: (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ).
فيفجر أمامه على هذا - واللَّه أعلم - يُكَذِّبُ بما قُدَّامَه مِنَ البَعْثِ.
* * *
وقوله: (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧)
ويقرأ (بَرَقَ البَصَرُ).
فمن قرأ (بَرِقَ) فمعناه فَزِعَ وَتَحَيَّرَ.
وَمَن قَرأ (بَرَقَ) فهو من بَرَقَ يَبْرُقُ. مِنْ بَرِيق العَيْنَيْنِ.
* * *
وقوله: (وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨)
أي ذَهَبَ ضَوْءُ القَمَرِ.
* * *
(وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)
أي جمِعَا فِي ذَهَابِ نُورِهما.
* * *
(يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠)
وَيُقْرَأُ (أَيْنَ الْمَفِرُّ) - بكسر الفاء -
فمن فتح فهو بمعنى أين الفِرَارُ.
ومن كسر فعلى معنى أين مكان الفِرار.
والمَفْعَلُ مِن مِثْل جَلَسْتُ بفتح العَيْنِ، وكذلك المصدر، تقول: جَلَسْتُ مَجْلَساً - بفتح اللام - بمعنى جُلُوساً.
فإذا قلت جَلَسْتُ مَجْلِساً، فأنت تريد المكان.
ثم أعلم تعالى أنه لَا حِرْزَ لَهُم ولا مَحِيصَ. فقال:
* * *
(كَلَّا لَا وَزَرَ (١١)
الوَزَرُ في كلام العَرَبِ الجَبَلُ الَّذِي يُلجأ إليه: هذا أصله، وَكُل ما
التجأت إليه وَتَخَلَّصْتَ به فَهُوَ وَزَز.
* * *
وقوله: (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (١٥)
معناه بل الِإنسان تشهد عليه جوارحه، قال اللَّه عزَّ وجلَّ:
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤).
وقال في موضع آخر