وقوله: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤)
أي فلينظر الإنسان كيف خلق الله طعامه وطعام جميع الحيوان الذي
جعله الله سبباً لحياتِهِمْ.
* * *
(أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥)
(إِنَّا صَبَبْنَا)
ويقرأ (أَنَّا صَبَبْنَا)، فمن قرأ (إِنَّا) فعلى الابتداء والاستئناف ومن قرأ (أَنَّا)
فعلى البدل من الطعَام، ويكون (إِنَّا) في موضع جرٍّ، المعنى فلينظر الإنسان إلى إِنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (١).
* * *
(ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦)
أي بالنبات.
* * *
(فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧)
والحبُ كل ما حُصِدَ، كالحنطة والشعير وكل ما
يتغَذى به من ذي حَبٍّ. والقضب الرطْبة.
* * *
(وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠)
حدائق واحدتها حديقة، وهي البساتين، والشجر الملتف، قوله (غُلْبًا)
معناه مُتَكاثِفَة عِظام.
* * *
(وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١)
الأب جميع الكلأ الذي تعتلفه الماشيةُ، وذكر اللَّه عزَّ وجلَّ من آياته ما
يدل على وحدانيته في إنشاء ما يغذو جميع الحيوان.
* * *
وقوله: (مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢)
منصوب، مصدر مؤكد لقوله (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا) الأشياء التي ذكرت، لأن إنباته
هذه الأشياء قد أمتع بها الخلق من الناس وجميع الحيوان.
* * *
وقوله. (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣)

(١) قال السَّمين:
قوله: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا المآء صَبّاً﴾: قرأ الكوفيون «أنَّا» بفتح الهمزة غيرَ ممالةِ الألف. والباقون بالكسر. والحسنُ بن عليّ بالفتحِ والإِمالةِ. فأمَّا القراءةُ الأولى ففيها ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنها بدلٌ مِنْ «طعامِه» فتكونُ في محلِّ جر. استشكل بعضُهم هذا الوجهَ، وَرَدَّه: «بأنه ليس الأولَ فيُبْدَلَ منه؛ لأنَّ الطعامَ ليس صَبَّ الماءِ. ورُدَّ على هذا بوجهَيْن، أحدهما: أنَّه بدلُ كلٍّ مِنْ كلّ بتأويلٍ: وهو أنَّ المعنى: فَلْيَنْظُرِ الإِنسانُ إلى إنعامِنا في طعامِه فصَحَّ البدلُ، وهذا ليسَ بواضح. والثاني: أنَّه مِنْ بدلِ الاشتمالِ بمعنى: أنَّ صَبَّ الماءِ سببٌ في إخراجِ الطعامِ فهو مشتملٌ عليه بهذا التقدير. وقد نحا مكي إلى هذا فقال: لأنَّ هذه الأشياءَ مشتملةٌ على الطعامِ، ومنها يتكوَّنُ؛ لأنَّ معنى» إلى طعامه «: إلى حدوثِ طعامهِ كيف يتأتَّى؟ فالاشتمالُ على هذا إنما هو من الثاني على الأولِ؛ لأنَّ الاعتبارَ إنما هو في الأشياءِ التي يتكوَّن منها الطعامُ لا في الطعامِ نفسِه».
والوجه الثاني: أنَّها على تقديرِ لامِ العلةِ، أي: فلينظُرْ لأِنَّا، ثم حُذِفَ الخافضُ فجرى الخلافُ المشهورُ في محلِّها. والوجهُ الثالث: أنَّها في محلِّ رفعٍ خبراً لمبتدأ محذوفٍ، أي: هو أنَّا صَبَبْنا، وفيه ذلك النظرُ المتقدِّم؛ لأنَّ الضميرَ إنْ عاد على الطعام فالطعامُ ليس هو نفسَ الصَّبِّ، وإنْ عاد على غيرِه فهو غيرُ معلومٍ، وجوابُه ما تقدَّمَ.
وأمّا القراءةُ الثانية فعلى الاستئنافِ تعديداً لِنِعَمِه عليه. وأمَّا القراءةُ الثالثةُ فهي «أنَّى» التي بمعنى «كيف» وفيها معنى التعجبِ، فهي على هذه القراءةِ كلمةٌ واحدةٌ، وعلى غيرِها كلمتان.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).


الصفحة التالية
Icon