أمرهم اللَّه - عزَّ وجلَّ - بتبجيل نبيِّه عليه السلام، وَأنْ يَغُضوا أصْوَاتَهُمْ
وأن يخاطبوه بالسكينة والوقار، وأن يفضلوه في المخاطبة، وذلك مما كانوا
يفعلونه في تعظيم ساداتهم وكبرائهم.
ومَعنى (كَجَهْرِ بَعْضِكُم لِبَعْضٍ) أي لا تنزلوه منزلةَ بعضكم من بعض.
فتقولوا: يا محمدِ خاطبوه بالنبوة، والسكينة والإِعظام.
وقوله: (أنْ تَحْبَط أعْمَالُكُمْ).
معناه لا تفعلوا ذلك فتحبط أعمالكم.
والمعنى لئلا تحبط أعمالكم
فالمعنى معنى اللام في أن. وهذه اللام لام الصيرورة وهي كاللام في قوله:
(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا) والمعنى فالتقطه آل فرعَوْنَ
ليصير أمرهم إلى ذلك، لَا أنَّهمْ قصدوا أن يصير إلى ذلك. ولكنه في المقدار
فيما سبق من علم الله أن سبب الصير التقاطهم إياه، وكذلك لا ترْفَعُوا
أصواتكم فيكون ذلك سبباً لأن تحبط أعمالكم.
(وَأنْتُمْ لَا تَشْعُرونَ).
هذا إعلامٌ أن أمرَ النَبِى - ﷺ - ينبغي أن يُجَلَّ وُيعَظَّمَ غايَة الِإجْلَالِ.
وأنه قد يُفعل الشيءُ مما لا يَشْعَرُ به من أمر النبي - ﷺ - فيكون ذلك مُهلكاً لِفَاعِلِه أو لِقَائِله.
ولذلك قال بعض الفقهاء: من قال إدْ زِرَّ رسول اللَّه - ﷺ - وسخ يريد به - النقصَ منه وجب قتْلُه.
هذا مذهبُ مالِكٍ وأصْحَابه.
* * *
وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣)
(امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)
أخلَصَ قلُوبَهمْ.
وَ " هُمْ " يخرج على تفسير حقيقة اللغة، والمعنى



الصفحة التالية
Icon