إذا كنا نعلم أن الذي ظهر منه خير، فأمَّا أهل السوء والفسق فلنا أن نظن بهم مِثْلَ الذي ظهر منهم.
وقوله: (ولا يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعْضاً)، والغيبة أن يُذْكَرَ الإنسان من خلفه
بسوء وإن كان فيه السوء
وأما ذكره بما ليس فيه فذلِكَ البهْتُ والبُهْتَانُ - كذلك
جاء عن النبي - ﷺ -.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ -: (أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا).
ويجوز (مَيِّتاً) وتأويله أن ذكرك بِسوءٍ من لم يَحْضر لك بمنزلة أكل لحمه
وهو مَيِّت لَا يُحِسُّ هُوَ بذلك، وكذلك تقول للمغتاب فلان يأكل لحوم الناس.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَكَرِهْتُمُوهُ).
ويُقرأ " فَكُرِّهْتُمُوهُ " - فتأويله كما تكرهون أكل لحمه مَيتاً كذلك تجنبوا
ذكره بالسوء غائباً.
* * *
وقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)
خلقناكم من آدم وحواء، وكلكم بنو أبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَة إِلَيْهما
تَرْجِعُونَ.
(وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).
والشعب أعظم من القبيلة.
أي لم يجعلكم شعوباً وقبائل لتفاخروا وإنما جعلناكم كذلك لتتعارَفُوا، ثم أعلمهم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أن أرفعهم عِنْدَهُ مَنْزِلَةً
أتْقَاهُمْ فقال:
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
ولو قرئتِ " أَنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ "
جاز ذلك على معنى وجَعَلْناكم