(ومِنْ خِزْيِ يَوْمَئْذٍ)، ففتحت يوم وهو في موضع خفض لأنك أضفته إلى غير متمكن.
ومعنى (يُفْتَنُونَ) يحرقون وُيعَذَّبونَ، ومن ذلك يقال للحجارة السود التي
كأنها قد أحرقت [بالنَّارِ] الفَتِينُ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦)
أعلم عزَّ وجلَّ ما لأهل النَّار، ثم أعلم ما لأهل الجنَّة لأنَه لَمَّا قَالَ:
(وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ) أعلم جزاء أهل الجنَّةِ، وجزاء أهل النَّارِ.
وقوله: (آخِذِينَ) نصب على الحال، المعنى إن المتقين في جَنَاتٍ وعيون
في حال أخْذِ مَا آتَاهًمْ رَبهُمْ، ولو كان في غير القرآن لجاز " آخِذُونَ "
ولكن المصحَفَ لَا يخَالف، ويكون المعنى إن المتَقين آخِذُونَ مَا آتَاهُمْ رَبهمْ في
جنات وعيونٍ، والوجه الأول أجْوَد في المعنى وعليه القراءة.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)
المعنى كانوا يهجعون قليلًا من الليل، أي كانوا ينامون قليلًا مِنَ الليْلِ.
ثم أعلم اللَّه عزَّ وجلَّ في أي شيء كانَ سَهَرُهُمْ فقال:
(وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨)
وجائز أن يكون " ما " مُؤكَدة لَغْواً، وجائز أن يكون " ما " مع ما بعدها
مَصْدراً، يكون المعنى كانوا قليلًا من الليل هجوعهم.
* * *
(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)
(المحروم) جاء في التفسير الذي لا ينمو له مال، والأكثر في اللغة لا
ينمى له مال، وجاء أيضاً أنه [المجارَف] (١) الذي لا يكاد يكتسب.
* * *
قوله: (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)
والمُجَرَّفُ والمُجارَفُ الفقير كالمُحارَفِ عن يعقوب وعدّه بدلاً وليس بشيء ورجل مُجَرَّفٌ قد جَرَّفَه الدهرُ أَي اجْتاح مالَه وأَفْقَرَه اللحياني رجل مُجارَفٌ ومُحارفٌ وهو الذي لا يَكْسِب خيراً ابن السكيت الجُرافُ مِكْيالٌ ضَخْم وقوله بالجُرافِ الأَكْبر يقال كان لهم من الهَواني. اهـ (لسان العرب. ٩/ ٢٥).