والرميم الورق الجاف المتحطم، مثل الهشيم، كما قال:
(كَهَشِيم المُحْتَظِرِ).
* * *
(وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣)
أي وفي ثمود أيضاً آية.
* * *
وقوله: (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٤٦)
قرئت (وقومِ نوحٍ) - بالخفض - (وقومَ نوحٍ) - بالنصب -
فمن خفض فالمعنى في قوم نوح.
ومن نصب فهو عطف على معنى قوله: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ).
ومعنى أخذتهم الصاعقة أهلكناهم.
فالمعنى فأهلكناهم وأهلكنا قوم نوح من قبل.
والأحسن واللَّه أعلم أن يكون محمولًا على قوله: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ)، لأن المعنى فأغرقناه وجنوده وأغرقنا قوم نوح من قبل (١).
* * *
(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧)
أي بقُوَّةٍ.
(وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)
جعلنا بينها وبين الأرض سعة.
* * *
(وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (٤٨)
عطف على ما قبله مَنْصُوبٌ بفعل مضمر، المعنى وفرشنا الأرْضَ
فرشناها.
ومعنى (فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) نحن، ولكن اللفظ بقوله فرشناها يدلُّ على
المضمر المحذوف.
* * *
وقوله: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩)
المعنى - واللَّه أعلم - على الحيوان لأن الذكر والأنثى يقال لهما زَوْجَانِ
ومثله (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى).
ويجوز أن يكون الزوجان من كل

(١) قال السَّمين:
قوله: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ﴾: قرأ الأخَوان وأبو عمرو بجرِّ الميم، والباقون/ بنصبها. وأبو السَّمَّال وابن مقسم وأبو عمرو في روايةِ الأصمعيِّ «وقومُ» بالرفع. فأمَّا الخفضُ ففيه أربعةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه معطوفٌ على «وفي الأرض». الثاني: أنه معطوفٌ على «وفي موسى» الثالث: أنه معطوفٌ على «وفي عاد». الرابع: أنه معطوفٌ على «وفي ثمودَ»، وهذا هو الظاهرُ لقُرْبِه وبُعْدِ غيرِه. ولم يذكرْ الزمخشريُّ غيرَه فإنه قال: «وقُرِىء بالجرِّ على معنى» وفي قوم نوح «. ويُقَوِّيه قراءةُ عبد الله» وفي قوم نوح «. ولم يَذْكُرْ أبو البقاء غيرَ الوجهِ الأخيرِ لظهورِه.
وأمّا النصبُ ففيه ستةُ أوجهٍ، أحدها: أنه منصوبٌ بفعلٍ مضمرٍ أي: وأهلَكْنا قومَ نوح؛ لأنَّ ما قبلَه يَدُلُّ عليه. الثاني: أنه منصوبٌ ب اذْكُرْ مقدراً، ولم يَذْكُرْ الزمخشريُّ غيرَهما. الثالث: أنَّه منصوبٌ عطفاً على مفعول»
فأَخَذْناه «. الرابع: أنه معطوفٌ على مفعول ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليم﴾ وناسَبَ ذلك أنَّ قومَ نوح مُغْرقون من قبلُ. لكنْ يُشْكِلُ أنَّهم لم يَغْرَقوا في اليمِّ. وأصلُ العطفِ أَنْ يقتضيَ التشريكَ في المتعلَّقات. الخامس: أنَّه معطوفٌ على مفعولِ» فَأَخَذَتْهم الصاعقةُ «. وفيه إشكالٌ؛ لأنهم لم تأخُذْهم الصاعقةُ، وإنما أُهْلكوا بالغَرَقِ. إلاَّ أَنْ يُرادَ بالصاعقةِ الداهيةُ والنازلةُ العظيمة من أيِّ نوع كانت، فيَقْرُبُ ذلك. السادس: أنه معطوفٌ على محلِّ» وفي موسى «، نقله أبو البقاء وهو ضعيفٌ.
وأما الرفعُ على الابتداءِ والخبرُ مقدَّرٌ أي: أهلَكْناهم. وقال أبو البقاء:»
والخبرُ ما بعدَه «يعني مِنْ قولِه: إنهم كانوا قوماً فاسقين. ولا يجوز أَنْ يكونَ مرادُه قولَه:» من قبلُ «؛ إذ الظرفُ ناقصٌ فلا يُخبَرُ به.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).


الصفحة التالية
Icon