ومن نصب فعلى النَّفْي والتبرية كما قال في قوله: لا ريب فيهِ، إلا أن
الاختيارَ عند النحويين إذا كررَتْ " لا " في هذا الموضع الرفع.
والنصْبُ عند جميعهم جائز حَسَن.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٥) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦)
الكلام - واللَّه أعلم - يدل ههنا أنهم يتساءلون في الجنَّة عن أحوالهم
التي كانت في الدنيا، كان بعضهم يقولُ لبعض: بم صرت إلى هذه المنزلة
الرفيعة، وفي الكلام دليل على ذلك وهو قوله في جواب المسألة:
(إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ).
أي مشفقين من المصير إلى عذاب الله عزَّ وجلَّ، فعملنا بطَاعَتِه، ثم
قرنوا الجوابَ مع ذلك بالِإخلاص والتوحيد بقولهم:
(إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ).
أي نُوَحِّدُه ولا ندعو إلهاً غيره.
* * *
(فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (٢٧)
أي عذاب سموم جهنم.
* * *
وقوله: عزَّ وجلَّ: (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ
(٢٩)
أي ذكرهم بما أعتَدْنَا للمتقِينَ المؤمنين والضلال للكافِرِين.
(فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ)
أي لست تقول ما تَقُولُه كهانَة، ولا تنطق إِلَّا بَوَحيٍ من الله عزَّ وَجَلَّ.
* * *
وقوله: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠)
(رَيْبَ المَنُونِ)
حوادث الدهر.
* * *
(قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١)