قال اللَّه - عزَّ وجلَّ - فيهم: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥).
فأعلمَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أن هُؤلَاءِ لَا يَعْتَبِرونَ وَلَا يوقِنُونَ ولا يؤمنون بأبْهَرِ ما يكون من الآيات.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥)
(يَصْعَقُونَ)
وقرئت: (يُصْعَقُونَ)، أي فذرهم إلى يوم القيامةِ.
ثم أعلم أنه يعجل لهم العذاب في الدنيا فقال:
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧)
المعنى وإن للذين ظلموا عذاباً دون عذاب الآخرة، يعني من القتل
والأسر وسبي الذَارَارِي الَّذِي نزل بهم، وأعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أنه ناصِرٌ دينه ومهلك من عادى نبيه، ثم أمره بالصبر إلى أن يقع العذاب بهم فقال:
(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨)
أي فإنك بحيث نراك ونحفظك ونرعاك، ولا يصلون إلى مكروهك.
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ).
أي حين تقوم من منامك، وقيل حين تقوم في صلاتك، وهو ما يُقَالُ مع
التكبير: سبحانك اللهم وبحمدك.
* * *
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)
وقرئت (وَأَدْبَارَ النُّجُومِ).
فمن قرأ (إِدْبَارَ) بالكسر فعلى المصدر أَدبَرْت إِدْباراً.
ومن قرأ (أَدْبَارَ) بالفتح فهو جمع دبر.
وأجمعوا في التفسير أن معنى (أَدْبَارَ السًّجُودِ) معناه صلاة الركعتين بعد المغرب، وأن (إِدْبَارَ النُّجُومِ) صلاة ركعتي الغداة.