المعنى كان ما بينه وبين رسول اللَّه مقدار قوسين مِنَ القَسِيِّ العربيةِ أو
أقرب.
وهذا الموضع يحتاج إلى شرح لأن القائل قد يقول: ليس تَخْلُو " أو "
من أن تكون للشك أو لغير الشك.
فإن كانت للشك فمحال أن يكون موضع شك.
وإن كان معناها بل أدنى، بل أقْرَبُ فما كانت الحاجة إلى أن يقول:
(فكان قاب قَوْسَيْن) - كان ينبغي أن يكون كان أدنى من قاب قَوسَينْ.
والجواب في هذا - والله أعلم - أن العباد خوطبوا على لغتهم ومقدار
فهمهم وقيل لهم في هذا ما يقال للذي يحزر (١)، فالمعنى فكان على ما تُقَدرونَه
أنتم قدر قوسين أو أدنى من ذلك، كما تقول في الذي تقدره: هذا قدر رُمْحَينِ أو أنقص من رُمْحَين أو أرجح.
وقد مرَّ مثل هذا في قوله: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ).
* * *
(فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)
أي فَأوحى جبريل إلى النبي عليه السلام ما أوحى.
* * *
قوله: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)
وقرئت: (مَا كَذَّبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) بتشديد الذَّال.
* * *
وقوله: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)
جاء في التفسير أن النبي - ﷺ - رأى رَبَّهُ - عزَّ وجلَّ - بقلبه، وأنه فَضْلٌ خُصَّ به كما خُصَّ إبراهيم عليه السلام بِالخُلَّةِ.
وقيل رأى أمراً عظيماً، وتفسيره (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى).
* * *
وقوله - عزَّ وجل -: (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢)

(١) الحَزَّاءُ والحازي الذي يَحْزُرُ الأَشياء ويقَدِّرُها بظنه. (انظر اللسان. ١٤/ ١٧٤).


الصفحة التالية
Icon