(فصل في العموم والخصوص من جهة المعنى)
وذلك ثلاثة أضرب: عام مطلق: وهو الجنس، نحو قولنا: " الحيوان أوالحبوب، خاص مطلق مثل ": زيد، وعمرو، وهذا الرجل، وعام من وجه خاص من وجه، نجو كالإنسان، فإنه بالإضافة إلى الحيوان خاص، وبالإضافة إلى زيد وعمرو عام، والعام: إذا حمل على الخاص صدق القول، نحو قولنا " زيد ": إنسان وحيوان، والإنسان حيوان.
والخاص: إذا حمل على العام كذب، نحو الحيوان: إنسان.
والإنسان: زيد، إلا إذا قُيد لفظاًَ وتقديراً، فيقال: هذا الإنسان زيد، أو الإنسان زيد، ويجعل الألف واللام للعهد لا للجنس، أو يراد أن معنى الإنسانية كمال موجود في زيد.
فإذا ثبت ذلك فالمفسر إذا فسر العام بالخاص، فقصده أن يبين تخصيصه، " بالذكر " ويذكر مثاله، لأنه لم يرد أنه هو هو لا غير، وكثير ممن لم يتدرب بالقوانين البُرْهَانية إذا رأى عاماً مستعملاً في خاصين قدر أن ذلك حار مجرى الأسماء المشتركة، فيجعله من بابها، وعلى ذلك رأيت كثيراً ممن صنفوا في نظائر القرآن، فقالوا: الإثم: ارتكاب الذنب، والإثم: الكذب، احتاجاً بقوله ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا﴾، والإثم عام في المقال والفعال، وإنما خُص في عذا الموضع لأن السماع ليس إلا في المقال على ذلك قال اللحياني: " الخوف ": القتال، بقوله تعالى: ﴿فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ﴾، والقتل لقوله: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾، والعلم، لقوله: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ أي: علم، وذلك من ظهور سوء التصور بحيث لا يحتاج إلى تبين.
وأما الخاص: فتفسيره بالعام فجائز إذا قصد تبيين جنسه، نحو " الْحِرْبِاءُ دوُيَبْةَ.
وَالْحرِبْاَءُ حَيَوَانٌ.