يكون ولي الحق كما قال بعضهم، لأن قوله لا يؤثرا إذ هو مدع.
وقوله: ﴿بِالْعَدْلِ﴾ حث على تحريه لصاحب الحق وللمولى عليه، وقوله: ﴿شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ قال بعضهم: تقتضي هذه الإضافة الإيمان والحرية والبلوغ لتخصيص الرجال ويقتضي " من ترضون من الشهداء " العدالة، لأن المقصد من الاستشهاد إقامة الشهادة، أما شهادة العبيد والصبيان، وشهادة النساء في غير، وشهادة الأعمى والفاسق وغير ذلك من أحكام الشهادة، فكتب الفقه به أولى، وقوله: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ أي وليشهد رجل وامرأتان وقوله: ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ أي تذكر الأخرى إذا نسيت وقال سفيان بن عينية: يجعلها كذكر في الحكم..
إن قيل: ما وجه قوله: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ﴾ وذلك يقتضي أن يكون القصد بالاستشهاد الضلال قيل: قد قال سيبويه في ذلك: لما كان الضلال سبب الأذكار وهو متقدم عليه صار لتعلق كل واحد منهما بالآخر في حكم واحد، قال: ومثل ذلك من قال أعددت هذا الخشب ليميل الحائط فأدغمه قال الفراء: تقديره: فتذكرها إن ضلت لكن لما قدم أن - فتح فصار متعلقا بما قبله: وهذا طريق في مسائل، وقرأ حمزة (أن تضل)، وقرئ (أن تضل) من أضللت، لتقارب ضل وأضل تقارب نسيت وأنسيت وقيل: (أن تضل) أي تضيع شهادتها ما لم تضامها الأخرى إشارة إلى ما فاله عليه الصلاة والسلام: " أما نقصان عقلهن فشهادتهن على النصف من شهادة الرجال " وقوله: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ قال قتادة والربيع: " إذا ما دعوا لتحمل الشهادة "، وقال مجاهد: لإقامتها، وقيل: لهما، وهو الصحيح، وقال بعضهم: لا يجوز أن تكون للتحمل، لأنه حينئذ لا يكون شاهدا، وهذا سوء تصور منه ألا ترى أنه قال: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾؟