كان مرفوعاً نحو و " أيم الله، أو منصوباً، نحو يمين الله فليس بمحتاج إلى ذلك وما قاله زيد بن أسلم والحسن، ومجاهد، وابن جريج أنها أسماء للسور فليس بمناف للأول، فكل سورة سميت بلفظ متلو منها، فله (معنى) في السورة معلوم.
وعلى هذا القصائد والخطب المسماة بلفظ منه يفيد معنى فيها، وكذلك ما قاله أبو عبيدة، وروي أيضاً عن مجاهد، وحكاه قطرب والأخفش.
أن هذه الفواتح دلائل على انتهاء السورة التي قبلها، وافتتاح ما بعدها، فإن ذلك يقتضي من حيث إنها لم تقع إلا في أوائل السور ولا يقتضي أن لا معنى لها سواه، كما أن بسم الله في أوائل السور يقتضي ما قالوه ولا يوجب ذلك أن لا معنى سواه.
وما ذكر من أن هذه الحروف قصد بها الرد على من قال: إن النبي - ﷺ - كان يتلقن ما يودعه القرآن من بعض الأعجمين، وذلك في قوله: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ فذلك شبيه أن هذه الصورة المخصوص بها القرآن، هي من النظم الذس أصوله عندكم، وذاك أن القوم لم يدعوا أن لفظ هذا القرآن أعجمي، وإنما ادعوا أن معناه مأخوذ عنهم ولهذا قال تعالى: ﴿فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ﴾ فإذا: المعنى يرجع إلى ما تقدم بأنه تنبيه على إعجازه.
وما قاله قطرب إنه قصد بها صرف أسماع المشركين إلى الاستماع إليه لما تواصلوا بأن لا يستعموا له حتى قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ فإنما يشير به أيضاً إلى المعنى المتقدم، لأنه تعالى قصج بصرف أسماعهم تنبيههم على عجزهم عن معارضته، وأن من حقكم إذا عجزتم عن مثله أن تتدبروا آياته، وأن تعرفوا أنه حق فلا تلغوا فيه.
وما روي عن اين عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: الألف من " الم " على " الله "، اللام على " جبرائيل "، والميم على " محمد "، فدل بذلك على أن القرآن (من الله) - عز وجل - مبدؤه، وأن الواسطة: " جبريل ".
ومنتهاه إلى محمد.
فهذا صحيح ودال على ما تقدم، وفيه نبه بمخرج " الألف " الذي هو مبدأ مخارج الحروف على المبدأ، وهو الله تعالى، وبمخرج اللم الذي هو أوسط المخارج على جبريل، وبمخرج الميم الذي هو منتهى المخارج على المنتهى الذي هو النبي - عليه السلام -.