لم يجعل بينه وبين محارم الله ستراً من حلال، فحقيق به أن يقع فيها.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ أي: التاركين للمحظورات.
وقال ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ فجعل " المتقي " - في الآيتين - غير المصلح والمحسن.
والثاني: من منازل التقوى - أن يتعاطى الخير من تجنب الشر، وإياه عنى الله تعالى بقوله: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾ والثالث منها: التبرؤ من كل شيء سوى الله - عز وجل - فلا سكون إلى النفس ولا إلى شيء من القنيات والجاه والأعراض.
وهو المعنى بقوله تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ وما وعدناه بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ ورجاناه بقوله: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ فهذه المنازل مرتب بعضها على بعض.
وقد فسر قوله تعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ على الوجوه الثلاثة، فقيل: عني به التاركين لمحارم الله.
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما: عني به الخائفين عقوبته الراجين رحمته، وقال بعض المتقدمين: معنى ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ أي وصلة للمنقطعين إليه عن الأغيار الذين نزع عن قلوبهم حب الشهوات.
فهذا نظر منهم إلى الغاية.