قوله (عز وجل): ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾:
إقامة الصلاة: توفية حدودها وإدامتها، وتخصيص " الإقامة " تنبيه على أنه لم يرد إيقاعها فقط.
ولهذا لم يأمر بالصلاة ولم يمدح بها إلا بلفظ الإقامة نحو: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ وقوله: ﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ﴾ و ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ ولم يقل المصلي إلا في المنافقين ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ وذلك تنبيه أن المصلين كثير والمقيمين لها قليل، كما قال عمر - رضي الله عنه [الحاج قليل والركب كثير]، ولهذا قال عليه السلام:
" من صلى ركعتين مقبلاً بقلبه على الله خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " فذكر مع قوله - ﷺ - الإقبال بقلبه على الله تنبيهاً على معنى الإقامة، وبذلك عظم ثوابه وكثير من الأفعال التي حث تعالى على توفية حقه ذكره بلفظ الإقامة نحو: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ ونحو: ﴿وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ﴾ تنبيهاً على المحافظة على تعديله.
وقال أبو علي الجبائي: الصلاة لما جاورها القيام صح أن يعبر عن المصلى بالقيام وهذا بعيد، لأن المجاور للصلاة القيام لا الإقامة، ثم مع القول المتقدم لا يعرج على هذا، وقوله - عز وجل - ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ الرزق: لفظ مشترك، يقال للعطاء الجاري تارة، وللنصيب تارة، ولما يصل إلى الجوف ويتغذى به تارة.
فقوله تعالى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ يعني نصيبكم من النعمة.
وقوله: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ﴾ تنبيه على ان الحظوظ بالمقادير.
وقوله: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ محمول على المباح دون الحظور لأمرين: أحدهما: [أنه] حث


الصفحة التالية
Icon