وقد روى أنه سمي إنسانا لأنه نسى العهد، وهذا من حيث اللفظ لا يصح، لكن من حيث المعنى يصح أن يقال: عنى أنه أنس بالشجرة، فنسى العهد والله أعلم، وأما القول: فيقال على أوجه: الأول: اللفظ المبرز بالعبادة، والثاني: للمعنى المتصور في النفس المعبر عنه باللفظ والثالث: للمذهب نحو: " فلان يذهب إلى قول أبي حنيفة " - رحمه الله تعالى -.
والرابع: للعناية الصادقة بالشيء نحو: فلان يقول بكذا، والخامس للدلالة المنبئة عن الشيء نحو: امتلأ الحوض، وقال قطني
والسادس: في استعمال المنطقيين عبارة عن الحد، يقولون قول الجوهر كذا، وقول العرض كذا، أي حدهما، ولاستعمال القول على أوجه مختلفة، قال تعالى: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ وقال: ﴿وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ والأصل في ذلك العبارة، لكن عبر عن نسبة تارة به كتسمية العنب خمراً في قوله تعالى: ﴿إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ والفرق بين القول والكلام أن الكلام لا يطلق إلا لجملة مفيدة لفظاً أو تقديراً، والقول قد يقال لبعض الجملة، فإذا كل كلام قول، وليس كل قول كلاماً، ولذلك قال سيبويه:
" قلت: في كلامهم: يحكى به ما كان كلاماً لا قول " فأورد ذلك مورد المقرر في النفس أن الكلام موضوع لجملة مفيدة، وقد بين الله تعالى في هذه الآية أن في الناس من يدعي الإيمان بالله والمعاد، وهو كاذب في قوله ودعاه وذلك كقوله: ﴿وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا﴾ وقوله: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾ كل ذلك تنبيه على أن الإيمان غير نافع ولا مقبول إلا بتقديم النية والإخلاص ومطابقة المقال والفعال، وقال أبو علي الجبائي: هذه الآية تدل على أن إقرار من أقر بالله إذا لم يكن عارفاً بالله لا يكون بهذا القول مؤمناً بل مدعياً له.
والمخالف لا يخالف في ذلك وإنما يقول: إنه يصير مؤمنا إذا تفوه بالشهادتين، وقال أبو علي أيضا: " إن الآية