حذرهم نفسه، ولتحذيره إياهم قال: (وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)
فإنه حذّرنا، بخلاف ما بفعل الماكر، وإلى مقتضى معناه أشار العرب
بقول: أعذر من أنذر، وفائدة قوله: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ) في
هذا المكان أنه لما ذكر قوله: (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) بيَّن أنكم وإن
اتقيتموهم فاحذروا الله، فإنه يحذركم أن توالوهم بقلوبكم.
قوله عز وجل: (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩)
الأصل في الصّدر: الجارحة، فاستعير لصدر المجلس والكتاب
والكلام، وصدره إذا أصاب صدره، أو قصد نحو ظهره، وكتفه.
وإذا عُدِّي بعن اقتضى الانصراف عنه، والصدر يقال للمصدر
اللفظي ولموضع الصّدر، ولزمانه، والصِّدار الصُّدْرَة يُغطى