إن قيل: (يَعمَلُونَ) وفي الثانية: (يَصنَعُونَ) وهل بينهما فرق؟
قيل: الصنع أخص من العمل كما أن العمل أخص من الفعل، وذاك أن الفعل يقال فيما كان من الحيوان، وغير الحيوان وبقصد وعن غير قصد، والعمل لا يقال إلا ما كان من الحيوان وبقصد، والصنع لا يقال إلا ما كان من الإنسان بقصد واختيار وبعد فكر وتحري أحاده، ولهذا يقال: دخل رجل صانع أي حاذق، وثوب صنيع أي مجاد. فحيثما ذُكِّر كافتهم قال:
(لَبِئسَ مَا كَانُواْ يَعمَلُونَ) وحيثما ذكر خاصتهم وحفظة العلم والعمل ذكر: (لَبِئسَ مَا كَاْنُواْ يَصنَعُونَ).
قوله عز وجل: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤)
قوله: (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) أي هو بخيل ْممسمك، كقوله: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ)