إن قيل: كيف قال: (مَن آمَنَ مِنهُم بِاللَّهِ) و (مَن) يدل على ما تقدم، وتقديره: من آمن من المؤمنين ومن الذين هادوا، وذلك خُلْفُ من
الكلام؟
قيل في ذلك وجهان:
أحدهما: أن معنى قولِه: (إِنَّ آلَّذِينَءَامَنُوا): أظهروا الإيمان وأَمِنُوا من القتل والسبي وهم الموصوفون بقوله: (مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ).
وقوله: (مَنءَامَنَ مِنهُم) أي من يحقق الإيمان فبيَّن أن المُظهِر للإيمان، والذين ما داموا فيهم ممن ذكرهم، لا يسقط عنهم الخوف والحَزَن في الدارين ما لم يتحققوا بتصديق الله، والإيمان بالمعاد، والتحري لمصالح الأعمال والثاني مَنْ في قوله: (مَنءَامَنَ بِاَللَّه) راجع إلى قوله: (وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ) دون قوله: (إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا).
إن قيل: ما وجه قوله: (وَالصَّابِئُونَ) وقد ذكر النحويون أن المعطوف على اسم (إنَّ) قبل الخبر لا يصح فيه الرفع؟
قيل إن ذلك لا يصح منه الرفع إذا عطف على موضع إنَّ