سُبُحَاتُ (١) جَلَالِهِ الأَبْصَارَ، وَحَارَتْ فِي بَدِيعِ جَمَالِهِ الأَفْكَارُ، العَزِيزِ الوَهَّابِ، الَّذِي كَتَبَ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ المَقْدُورِ فِي أُمِّ الكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٢)، فَلَا رَادَّ لأَمْرِهِ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَهُوَ سَرِيعُ الحِسَابِ.
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَخَلِيفَتِهِ (٣)، المَبْعُوثِ إِلَى كَافَّةِ خَلِيقَتِهِ، المَنْعُوتِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ (٤)، الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ (٥)، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ خَيْرِ آلٍ وَأَصْحَابٍ، مَا انْهلَّتْ بِالغَيْثِ مُزَنُ (٦) السَّحَابِ، وَاشْتَاقَتْ لِلْمُتَّقِينَ الكَوَاعِبُ (٧)

(١) السُّبُحَاتُ: بِضَمِّ السِّينِ وَالبَاءِ، وَقَدْ جَاءَتْ فِي الحَدِيثِ - كَمَا فِي الحَاشِيَةِ السَّابِقَةِ -.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي «شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ» (٣/ ١٣ - ١٤): «قَالَ صَاحِبُ «العَيْنِ» وَالهَرَوِيُّ وَجَمِيعُ الشَّارِحِينَ لِلْحَدِيثِ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ وَالمُحَدِّثِينَ: مَعْنَى (سُبُحَاتِ وَجْهِهِ): نُورُهُ وَجَلَالُهُ وَبَهَاؤُهُ».
(٢) رَوَى مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» (٢٦٥٣) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ - ﷺ - يَقُولُ: «كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ».
(٣) قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي «الفَتَاوَى الكُبْرَى» (٥/ ١٢٢): «وَاللهُ لَا يَجُوزُ لَهُ خَلِيفَةٌ، وَلِهَذَا لَمَّا قَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللهِ، قَالَ: (لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللهِ، وَلَكِنِّي خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ - ﷺ -، حَسْبِي ذَلِكَ)؛ بَلْ هُوَ - سُبْحَانَهُ - يَكُونُ خَلِيفَةً لِغَيْرِهِ».
(٤) يُشِيرُ المُصَنِّفُ إِلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)﴾ [التوبة: ١٢٨]
(٥) سُورَةُ (الرَّعْد)، آيَة (٣٩).
(٦) (المُزَنُ): جَمْعُ (مُزْنَةٍ)، وَهُوَ: المَطَرُ.
(٧) (الكَوَاعِبُ): جَمْعُ (كَاعِبٍ)، وَهِيَ الفَتَاةُ الَّتِي كَعَبَ ثَدْيُهَا، أَيْ: بَرَزَ ثَدْيُهَا وَضَخُمَ.


الصفحة التالية
Icon