قَالَ القُرْطُبِيُّ: «فَتَوَافَقَ الخَبَرُ وَالآيَةُ، وَهَذِهِ زِيَادَةٌ فِي نَفْسِ العُمُرِ وَذَاتِ الأَجَلِ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ فِي اخْتِيَارِ حَبْرِ الأُمَّةِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -» (١).
وَعِبَارَةُ الوَاحِدِيِّ فِي «الوَسِيطِ»: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللهَ - تَعَالَى - قَضَى لِكُلِّ شَخْصٍ أَجَلَيْنِ: مِنْ مَوْلِدِهِ إِلَى مَوْتِهِ، وَمِنْ مَوْتِهِ إِلَى مَبْعَثِهِ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا وَاصِلًا لِرَحِمِهِ؛ زَادَ اللهُ فِي أَجَلِ الحَيَاةِ مِنْ أَجَلِ المَمَاتِ إِلَى المَبْعَثِ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ وَلَا وَاصِلٍ (٢) لِلرَّحِمِ نَقَصَهُ اللهُ مِنْ أَجَلِ الحَيَاةِ وَزَادَ فِي أَجَلِ المَبْعَثِ، قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ (٣)» (٤).
وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَظْهَرُ لِلْمَلَائِكَةِ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، فَيَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّ عُمَرَ زَيْدٍ - مَثَلًا - سِتُّونِ سَنَةً إِلَّا أَنْ يَصِلَ رَحِمَهُ، فَإِنْ وَصَلَهَا (٥) زِيدَ لَهُ أَرْبَعُونَ، وَقَدْ عَلِمَ اللهُ مَا سَيَقَعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمًا أَزَلِيًّا، حَكَاهُ الخَازِنُ فِي «تَفْسِيرِهِ» (٦).
(٢) بِالكَسْرِ؛ عَطْفًا عَلَى (صَالِحٍ) المَجْرُورَةِ بِـ (غَيْرَ)، وَ (لَا): هِيَ الَّزَائِدَةُ الَّتِي تَأْتِي بِمَعْنَى (غَيْرَ) لِتَوْكِيدِ النَّفْيِ؛ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾... [الفاتحة: ٧].
(٣) سُورَةُ (فَاطِر)، آيَة (١١).
(٤) انْظُرْ «تَفْسِيرَ الوَسِيطِ» لِلْوَاحِدِيِّ (٢/ ٢٥٢).
(٥) كَذَا بِالتَّأْنِيثِ، فَـ (الرَّحِمُ) تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ.
(٦) انْظُرْ «تَفْسِيرَ الخَازِنِ» (٣/ ٢٣)، وَالعِبَارَةُ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي «شَرْحِ مُسْلِمٍ» (١٦/ ١١٤).