وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «اللَّوْحُ: مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، أَعْلَاهُ مَعْقُودٌ بِالعَرْشِ، وَأَسْفَلَهُ فِي حَجْرِ (١) مَلَكٍ يُقَالُ لَهُ: (مَاطِرْيُونَ) (٢)، كِتَابُهُ نُورٌ، وَقَلَمُهُ نُورٌ، وَيَنْظُرُ اللهُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مِئَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً، لَيْسَ مِنْهَا نَظْرَةٌ إِلَّا وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ؛ يَرْفَعُ وَضِيعًا وَيَضَعُ رَفِيعًا، وَيُغْنِي فَقِيرًا وَيُفْقِرُ غَنِيًّا، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ» (٣)، حَكَاهُ القُرْطُبِيُّ (٤) - وَغَيْرُهُ -.
وَقَدْ مَرَّ أَنَّ اللَّوْحَ المَحْفُوظَ خَمْسُ مِئَةِ عَامٍ (٥)، وَنَقَلَ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ أَنَّهُ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، طُولُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَعَرْضُهُ: مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ (٦).
وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ -: «كَانَ اللهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ، ثُمَّ خَلَقَ اللَّوْحَ المَحْفُوظَ، وَأَثْبَتَ فِيهِ جَمِيعَ أَحْوَالِ الخَلْقِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» (٧).
(٢) وَفِي «رُوحِ المَعَانِي» (١٥/ ٣٠٤): (سَاطِرْيُون).
(٣) تَقَدَّمَ (ص٢٧ - ٢٨).
(٤) انْظُرْ «تَفْسِيرَ القُرْطُبِيِّ» (١٩/ ٢٩٨).
(٥) أَيْ: مَسِيرَةَ خَمْسِ مِئَةِ عَامٍ.
(٦) تَقَدَّمَ (ص٢٧ - ٢٨).
(٧) أَوْرَدَهُ الرَّازِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» (١٩/ ٥٢)، وَأَصْلُهُ فِي البُخَارِيِّ (٣١٩٢) مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بِلَفْظِ: «كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ... »، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «الفَتْحِ» (٦/ ٢٩٠): «(فِي الذِّكْرِ)؛ أَيْ: فِي مَحَلِّ الذِّكْرِ؛ أَيِ: فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ».