٢ - الآزفة
من: أزف، يأزف، أزفا، وأزوفا.. اقترب.
وكل شىء اقترب: فقد أزف أزفا، أى: دنا.
وقد ورد هذا الاسم فى القرآن الكريم:
مرتين فقط (١).
الأولى: فى قوله تعالى: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (غافر:
١٨).
والثانية: فى قوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (النجم:
٥٧، ٥٨).
يقول الإمام الفخر الرازى (٣): ذكروا فى تفسير (الآزفة) وجوها:
الأول: أنها القيامة.. سميت بذلك:
لقربها، وإن استبعد الناس مداها (٤).
وقيل: سميت بذلك لدنوّها من الناس، وقربها منهم؛ ليستعدوا لها، وكان بعضهم يتمثل ويقول (٥):
أزف الرحيل وليس لى من زاد غير الذنوب لشقوتى ونكادى وعليه: ف يَوْمَ الْآزِفَةِ فى آية غافر:
يوم القيامة، وأَزِفَتِ الْآزِفَةُ فى آية النجم:
اقتربت القيامة.
الثانى: أنها المسارعة إلى دخول النار؛ حيث إنه عند ذلك ترتفع القلوب عن مقارّها من شدة الخوف: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ.
وعليه: ف يَوْمَ الْآزِفَةِ فى آية غافر:
يوم المسارعة إلى دخول النار، وأَزِفَتِ الْآزِفَةُ فى آية النجم: اقتربت المسارعة إلى دخول النار.
الثالث: أنها المنيّة، وحضور الأجل..
بدليل: أنه عز وجل أنذرهم يوم القيامة، ووصفه بأنه يَوْمَ التَّلاقِ (غافر: ١٥) ويَوْمَ هُمْ بارِزُونَ (غافر: ١٦) ثم أنذرهم- بعد ذلك- ب يَوْمَ الْآزِفَةِ (غافر: ١٨)، فوجب أن يكون هذا اليوم غير هذا اليوم.
وكذلك: هذه الصفة، كون الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ مخصوصة فى سائر الآيات، بيوم الموت، قال تعالى: فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (الواقعة: ٨٣، ٨٤) وقال: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (القيامة: ٢٦).
وأيضا: فوصف يوم الموت بالقرب.. أولى من وصف يوم القيامة بالقرب.
وكذلك: الصفات المذكورة بعد قوله:
الْآزِفَةِ لائقة بيوم حضور الموت؛ لأن المرء عند معاينة ملائكة العذاب: يعظم خوفه،
_________
(٣) الفخر الرازى: التفسير الكبير (غافر: تفسير الآية ١٨٠) بتصرف.
(٤) ابن منظور: لسان العرب (مادة: أزف).
(٥) القرطبى: الجامع لأحكام القرآن (غافر تفسير الآية ١٨، النجم تفسير الآية ٥٧).


الصفحة التالية
Icon