الرَّحْمَنِ الرَّحِيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين * الرَّحْمنِ الرَّحِيم * مَلِكِ يَوْمِ الدِّين. يُقطِّع قراءته آية آية. قال أبو داود: ((سمعت أحمد يقول: ((القراءة القديمة مالك يوم الدين))، ولفظ الترمذي: ((الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين))، ثم يقف ((الرَّحْمنِ الرَّحِيم)) ثم يقف... )) (١).
وعن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - ﷺ - يوم فتح مكة على ناقته وهو يقرأ سورة الفتح يُرجِّع)) (٢)، وقال: لولا أن يجتمع الناس
_________
(١) أبو داود، كتاب الحروف والقراءات، برقم ٤٠٠١، والترمذي، كتاب القراءة عن رسول الله - ﷺ -، باب في فاتحة الكتاب، برقم ٢٩٢٧، وأحمد، ٦/ ٣٠٢، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٤٩٣، وصحيح سنن الترمذي، ٣/ ١٦٩.
(٢) الترجيع: هو تقارب ضروب الحركات في القراءة، وأصله الترديد، وترجيع الصوت ترديده في الحلق، وقد فسره، لفظ معاوية بن قرة (آاْ أ) قال الحافظ في الفتح: ((بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة ثم همزة أخرى))، وقيل: يحتمل أن هذا حصل من هز الناقة، وقيل: يحتمل أنه أشبع المد في موضعه فحدث ذلك. قال الحافظ ابن حجر: ((وقد ثبت الترجيع في غير هذا الموضع فأخرج الترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه، وابن أبي داود واللفظ له من حديث أم هانئ قالت: كنت أسمع صوت النبي - ﷺ - وهو يقرأ وأنا نائمة على فراشي يرجِّع القرآن))، والذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل، فعند ابن أبي داود من طريق أبي إسحاق عن علقمة قال: ((بتُّ مع عبد الله بن مسعود، فنام ثم قام، فكان يقرأ قراءة الرجل في مسجد حيه لا يرفع صوته ويسمع من حوله ويرتل ولا يرجع))، وقيل: ((معنى الترجيع تحسين التلاوة لا ترجيع الغناء؛ لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة)) [فتح الباري لابن حجر، ٩/ ٩٢].
ولكن رأى شيخنا ابن باز في قول معاوية بن قرة (آاْآ) أن هذا الظاهر فيه أنه وهم من بعض الرواة في تفسير الترجيع؛ لأن هذه الأحرف لا تدل على معنى، والمقصود من ترديد القراءة الفائدة والخشوع، فالترجيع: هو ترديد القراءة))، وقال رحمه الله: ((معنى ترجيع القراءة: أي ترديد القراءة ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا. إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا. إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾ للخشوع والتدبر وهذا هو معنى الترجيع في القراءة، وكان - ﷺ - يسرد القراءة إلا في بعض الأحوال، وقد قام ليلة بآية: ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم﴾ فالترجيع سنة عند الحاجة فقط)). [سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ٤٢٨١.


الصفحة التالية
Icon