وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فممنوع منعاً مؤكداً؛ فإنه يذهب بعض ضروب الإعجاز، ويزيل حكمة ترتيب الآيات.
قال الإمام النووي رحمه الله: ((وروى ابن أبي داود عن الحسن: أنه كان يكره مخالفة ترتيب المصحف، وبإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، أنه قيل له: ((إن فلاناً يقرأ القرآن منكوساً؟ فقال: ((ذلك منكوس القلب)) (١).
وأما تعليم الصبيان من آخر المصحف إلى أوله فحسن ليس من هذا الباب؛ فإن ذلك قراءة متفاصلة في أيام متعددة، مع ما فيه من تسهيل الحفظ عليهم، والله أعلم (٢).
الأدب الثاني عشر: يجهر بالقرآن ما لم يتأذَّ أحد بصوته:
دلت الأحاديث في تحسين الصوت بالقرآن، وفي الترتيل والترنيم بالقرآن، والتغني به على استحباب رفع الصوت والجهر بالقرآن، كما دلت أحاديث أخرى على الحث على الإسرار بالقرآن؛ فكانت الأحاديث في ذلك على نوعين:
النوع الأول: استحباب الجهر برفع الصوت بالقرآن:
جاء في هذا النوع من الأحاديث المذكورة آنفاً في الأمر بتزيين الصوت بالقرآن وتحسينه، كقوله - ﷺ -: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به)) (٣)، وقول النبي - ﷺ - لأبي موسى:
_________
(١) التبيان في آداب حملة القرآن، للنووي، ص٧٩.
(٢) انظر: المرجع السابق، ص٧٩.
(٣) متفق عليه: البخاري، برقم ٥٠٥٣، ومسلم، برقم ٧٩٢، وتقدم في الأدب الثامن: تحسين الصوت بالقرآن.


الصفحة التالية
Icon