الفصل الثاني
أولاً: بيان ما أحل الله للمؤمنين ومناسبة ذكر الحل
قوله تعالى: ﴿أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ﴾.
سبق تعريف بهيمة الأنعام، في اللغة، وفي الاصطلاح، وأن الله - سبحانه وتعالى - قد أحلها للمؤمنين - إلا ما استثنى وسيأتي إن شاء الله - وسبق أن ذكرت أن جمهور المفسرين على أن بهيمة الأنعام ثلاثة أجناس: الإبل، والبقر، والغنم، وقد ذكرت أقوال العلماء بالتفصيل، وهي ثلاثة أقوال كما تقدم، ورجح ابن العربي القول الأول منها، وهو أن بهيمة الأنعام هي الإبل، والبقر، والغنم - واستدل على ذلك بأدلة ثلاثة ذكرتها هناك، إذن قد أحل الله تبارك وتعالى للمؤمنين بهيمة الأنعام إلا ما استثنى منها سبحانه، ومناسبة ذكر الحل هنا هي:
أن المشركين كانوا يحرمون: البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، قال سبحانه: ﴿مَا جَعَلَ الله مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ (١).
فقد كان أهل الجاهلية إذا أنتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنها أي شقوها وحرموا ركوبها وهي ((البحيرة)).
وكان الرجل يقول: إذا قدمت من سفري أو برئت من مرضي فناقتي
_________
(١) سورة المائدة، الآية: ١٠٣.