لما فيها من المضرَّة من الدم المحتقن، فهي ضارة للدين، وللبدن؛ فلهذا حرمها - عز وجل -، ويستثنى من الميتة السمك، فإنه حلال سواء مات بتذكية أو غيرها، كما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - سُئل عن ماء البحر، فقال: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) (١).
ويُستثنى كذلك الجراد، فعن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: قال رسول الله - ﷺ -: ((أحل لكم ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالسمك والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال)) (٢).
قوله تعالى: ﴿وَالْدَّمُ﴾ يعني المسفوح، كقوله تعالى: ﴿أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا﴾، فقد كان أهل الجاهلية إذا جاع أحدهم يفصد بعيره فيجمع
_________
(١) رواه مالك في الموطأ ١/ ٢٢ والشافعي ١/ ٢ وأحمد ١/ ٢١٤ وأبو داود، كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، برقم ٨٣، والترمذي، أبواب الطهارة وسننها، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، برقم ٦٩، والنسائي، كتاب الطهارة، باب ماء البحر، برقم ٥٩، وابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بماء البحر، برقم ٣٨٦، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. وهو حديث صحيح انظر صحيح الترمذي، ١/ ٢١.
(٢) رواه الشافعي ٢/ ١٧٣ وأحمد، وابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال، برقم ٣٢١٢، والدارقطني والبيهقي ١/ ٢٥٤ وقد رواه سليمان بن بلال أحد الأثبات عن زيد بن أسلم عن ابن عمر فوقفه عليه وصحح الموقوف أبو زرعة الرازي وأبو حاتم قال الحافظ ابن حجر في التلخيص: نعم الرواية الموقوفة التي صححها أبو حاتم وغيره هي في حكم المرفوع. لأن قول الصحابي أحل لنا، وحرم علينا كذا. مثل قوله: أمرنا بكذا ونهينا عن كذا، فيحصل الاستدلال بهذه الرواية لأنها في معنى المرفوع: قال ذلك زهير الشاويش في تعليقه على هذا الحديث في زاد المسير في علم التفسير. قلت: قال ابن أبي أوفى غزونا مع رسول الله - ﷺ - سبع غزوات نأكل الجراد. أما أكل السمك فدليل حله قوله - ﷺ - في ماء البحر ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)).