أكل، والصحيح أنه لا يضمن)) (١). وقال ابن كثير أيضاً: ((﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ﴾ أي في غير بغي ولا عدوان... وغير مستحلّه، وليس له من ذلك إلا القدر الذي يبلغه الحلال، وله أن يحمل منه ما يبلّغه ذلك، فإذا بلّغه ألقاه وهو قوله ﴿وَلاَ عَادٍ﴾)).
قال القرطبي: ((وأما المخمصة فلا يخلو أن تكون دائمة أو لا، فإن كانت دائمة فلا خلاف في جواز الشبع من الميتة، إلا أنه لا يحل له أكلها وهو يجد مال مسلم لا يخاف فيه قطعاً، كالتمر المعلق، وحريسة الجبل، ونحو ذلك مما لا قطع فيه ولا أذى)) (٢).
قال مجاهد: ((فمن اضطر غير باغ ولا عاد قاطعاً للسبيل، أو مفارقاً للأئمة، أو خارجاً في معصية الله، فله الرخصة، ومن خرج باغياً، أو عادياً، أو في معصية الله فلا رخصة له، وإن اضطر إليه... وقال قتادة.. فمن اضطر غير باغ ولا عاد، قال: غير باغ في الميتة، أي في أكله أن يتعدى حلالاً إلى حرام وهو يجد عنه مندوحة... ))، وحكى القرطبي عن مجاهد في قوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾: ((أي أكره على ذلك بغير اختياره)) (٣).
قال ابن العربي: ((هذا الضرر الذي بيّناه يلحق إما بإكراه من ظالم، أو جوع في مخمصة، أو بفقر لا يجد فيه غيره، فإن التحريم يرتفع عن ذلك بحكم الاستثناء ويكون مباحاً، فأما الإكراه فيبيح ذلك كله إلى آخر
_________
(١) تفسير ابن كثير، ١/ ١٣٣.
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ١/ ٢٢٦.
(٣) تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ١/ ٢٠٥.


الصفحة التالية
Icon