قال ابن الجوزي: ((وقد زعم قوم أن هذه الآية اقتضت إباحة ذبائح أهل الكتاب مطلقاً وإن ذكروا غير اسم الله عليها، فكان هذا ناسخاً لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْهِ... ﴾ (١).
والصحيح أنها أطلقت إباحة ذبائحهم؛ لأن الأصل أنهم يذكرون الله فيحمل أمرهم على هذا، فإن تيقنا أنهم ذكروا غيره فلا نأكل، ولا وجه للنسخ، وإلى هذا الذي قلته ذهب: علي، وابن عمر، وعبادة، وأبو الدرداء، والحسن، وجماعة)) (٢).
قلت: وهذا القول: هو قول: علي، وعائشة، وغيرهما كما ذكره الشوكاني، وهو الراجح إن شاء الله؛ للأدلة المذكورة آنفاً في النهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه.
والمراد بطعام أهل الكتاب: ذبائحهم، هذا قول ابن عباس، وجماعة (٣).
قال الشوكاني نقلاً عن القرطبي: ((ولا خلاف بين العلماء أن ما لا يحتاج إلى ذكاة كالطعام يجوز أكله.
أما المجوس فذهب الجمهور إلى أنها لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم لأنهم ليسوا بأهل كتاب على المشهور عند أهل العلم، وخالف
_________
(١) سورة الأنعام، الآية: ١٢١.
(٢) زاد المسير في علم التفسير، ٢/ ٢٩٦.
(٣) زاد المسير في علم التفسير، ٢/ ٢٩٥.