وكذلك الأزهري (١)، وألبس على الناس بلاغة آية [٥١ من سبأ] (٢).
ومِن أنفع شيء في هذا البابِ معرفةُ تفسيرِ الصحابة والتابعين فإنّهم كثيراً ما فسَّروا كلمةً بمرادفها حسبَما أريدَ في موضع خاص، وظنّ المتأخرون أنّهما متّحدان ومتطابقان من جميعِ الوجوه، فأخطأوا صحيحَ معنى الكلمة. وهذا يقع كثيراً في تفسير كلمةٍ جامعةٍ، فإنّهم يفسِّرونها بلفظٍ مرادفٍ لها ببعض الوجوه، مثلاً "توفاه الله" تفسيرُه: أماته الله (٣) فتظنهما متطابقتين، وهو وهم، فإن
= الصراخ أصل واحد (وأصاب هنا ابن فارس) وكان الرجل منهم إذا فزع صرخ منادياً من يغيثه، فيصرخ السامع أيضاً في إجابته للداعي، فكلاهما صرخ: هذا مغيثاً وذلك مستغيثاً.
هذا ونقل الزبيدي قول المبرد في الكامل على هذا النحو: "أصل الفزع: الخوف ثم كنى به عن خروج الناس بسرعة لدفع عدوّ ونحوه إذا جاءهم بغتةً، وصار حقيقة فيه" ثم قال: "ونسبه شيخنا إلى الراغب وليس له" (التاج - فزع) قلت: لم أجد هذا النص في مطبوعة الكامل.
(١) هو محمد بن أحمد الأزهري الهروي أبو منصور اللغوى الفقيه الشافعي (٢٨٢ - ٣٧٠ هـ) معجم الأدباء ٥: ٢٣٢١، ابن خلكان ٤: ٣٣٤، الأعلام: ٥: ٣١١، معجم المؤلفين: ٨: ٢٣٠. وقد نقلنا تفسيره للفزع في الحاشية السابقة.
(٢) وهو قوله تعالى ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ لم يتكلم المبرد على هذه الآية، ولكن أسلوبه في تفسير الفزع وخاصة قوله (أحدهما ما تستعمله العامة تريد به الذعر) يوهم القارئ أن الفزع في كلام الله لا يكون إلاّ بمعنى الإغاثة أو الاستغاثة، وقد يفسر الفزع في هذه الآية بمعنى استغاثوا. وقد كشف المؤلف عن بلاغة الآية الكريمة في موضع آخر فقال: "والبلاغة القصوى التي يحسر دونها الوصف ويضيق العقل عن إحاطتها في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا﴾ فأرادوا الفرار ﴿فلا فوت﴾ أي لم يمكنهم أن يفلتوا ﴿وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ ﴿وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ فمن فهم معنى الآيتين صُوِّرت بين يديه جماعةٌ، أولاً فزعوا، فأرادوا الفرار، فلم يمكنهم الإفلات، بل أخذوا على مكانهم، فلما يئسوا قالوا: آمنا، ولات حين الإيمان، فإن وقت الإيمان كان بالغيب، في حياتهم الأولى، وقد فَاتهم الآن، وبعُد عنهم مكاناً، فيمدُّون إليه أيديهم كالمتناوش لِما بعُد عنه، فأنَّى له ذاك! ".
(٣) انظر الإتقان ٨: ٢ قال ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿مُتَوَفِّيكَ﴾ سورة آل عمران، الآية: ٥٥ "مُمِيتُك".
هذا ونقل الزبيدي قول المبرد في الكامل على هذا النحو: "أصل الفزع: الخوف ثم كنى به عن خروج الناس بسرعة لدفع عدوّ ونحوه إذا جاءهم بغتةً، وصار حقيقة فيه" ثم قال: "ونسبه شيخنا إلى الراغب وليس له" (التاج - فزع) قلت: لم أجد هذا النص في مطبوعة الكامل.
(١) هو محمد بن أحمد الأزهري الهروي أبو منصور اللغوى الفقيه الشافعي (٢٨٢ - ٣٧٠ هـ) معجم الأدباء ٥: ٢٣٢١، ابن خلكان ٤: ٣٣٤، الأعلام: ٥: ٣١١، معجم المؤلفين: ٨: ٢٣٠. وقد نقلنا تفسيره للفزع في الحاشية السابقة.
(٢) وهو قوله تعالى ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ لم يتكلم المبرد على هذه الآية، ولكن أسلوبه في تفسير الفزع وخاصة قوله (أحدهما ما تستعمله العامة تريد به الذعر) يوهم القارئ أن الفزع في كلام الله لا يكون إلاّ بمعنى الإغاثة أو الاستغاثة، وقد يفسر الفزع في هذه الآية بمعنى استغاثوا. وقد كشف المؤلف عن بلاغة الآية الكريمة في موضع آخر فقال: "والبلاغة القصوى التي يحسر دونها الوصف ويضيق العقل عن إحاطتها في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا﴾ فأرادوا الفرار ﴿فلا فوت﴾ أي لم يمكنهم أن يفلتوا ﴿وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ ﴿وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ فمن فهم معنى الآيتين صُوِّرت بين يديه جماعةٌ، أولاً فزعوا، فأرادوا الفرار، فلم يمكنهم الإفلات، بل أخذوا على مكانهم، فلما يئسوا قالوا: آمنا، ولات حين الإيمان، فإن وقت الإيمان كان بالغيب، في حياتهم الأولى، وقد فَاتهم الآن، وبعُد عنهم مكاناً، فيمدُّون إليه أيديهم كالمتناوش لِما بعُد عنه، فأنَّى له ذاك! ".
(٣) انظر الإتقان ٨: ٢ قال ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿مُتَوَفِّيكَ﴾ سورة آل عمران، الآية: ٥٥ "مُمِيتُك".