الحروف المقطعات
(١) الحروف المقطعة أسماء للسور، فلا شبهة في معانيها. وأما وجه التسمية فلا حاجة بنا إليه لفهم الكلام، كما لا نحتاج إلى العلم بوجه التسمية بسائر الأسماء كالأرض والسماء والنار والهواء (١) والماء (٢). ولكن العلماء
(١) في الأصل والمطبوعة بعد الهواء: "الأرض" مكرراً.
(٢) زاد القول بياناً في تفسير سورة البقرة، فقال:
"اعلم أنها مع كونها أسماء للسور، هي من القرآن، لرجع الإشارة إليها. فلا بد أن نقرأها بالقرآن. وأيضاً إنها نزلت مع القرآن فلا سبيل إلى تركها، فإن القرآن كله محفوظ، كما هو مبسوط في موضعه، وإنّا مأمورون بقراءته.
واعلم أن أسماء حروف الهجاء كانت معلومة للعرب يتكلمون بها. فالمفردات من أسماء السور مثل ص، ق، ن من العربي المبين. أما المركبات مثل حم، ألم، المص. حم عسق، فأيضاً -بعد الدلالة على أنها أسماء للسور التي تبتدأ بها- صارت من العربي المبين.
فإن قلت: إنها كلمات لم تعرفها العرب، قلنا: إنهم كانوا يسمّون بالمركبات، فيعطونها معنى خاصّاً لم يفهم من مفرداتها. فكانوا يسمّون رجالهم وأولادهم وأفراسهم وألويتهم وأسيافهم بأسماء خاصة، ولم تكن العرب تعرف هذه الأسماء بهذه المعاني، وإنما تعرف المعاني العامة لتلك الألفاظ. ولكن استعمال الذين جعلوا هذه الأسماء بإزاء المعاني الخاصة كان يدلّ السامع على وضعها الجديد، وذلك لا يسمّى خروجاً عن الإبانة. فهكذا تسمية السور بهذه الأسماء- بعد الدلالة على ما وضعت لها لم تخرجها عن الإبانة.
فإن قيل: إن الأسماء التي كانت العرب تضعها بإزاء المعاني الخاصة لم تكن خالية عن مناسبة بين مدلولها العام ومدلولها الخاص، وأما هذه الحروف المقطعة فلا نجد مناسبة بينها وبين السور. قلنا: عدم العلم بمناسبة بين الاسم والمسمى لا بأس به بعد الدلالة على ما خصّ به. فإن أكثر الأسماء الجوامد لا نعلم المناسبة بينها وبين مسمّياتها. ثم لا يلزم من جهل المناسبة نفيها. فإنّا نعلم أن الله تعالى لم يخلق شيئاً إلا=
(٢) زاد القول بياناً في تفسير سورة البقرة، فقال:
"اعلم أنها مع كونها أسماء للسور، هي من القرآن، لرجع الإشارة إليها. فلا بد أن نقرأها بالقرآن. وأيضاً إنها نزلت مع القرآن فلا سبيل إلى تركها، فإن القرآن كله محفوظ، كما هو مبسوط في موضعه، وإنّا مأمورون بقراءته.
واعلم أن أسماء حروف الهجاء كانت معلومة للعرب يتكلمون بها. فالمفردات من أسماء السور مثل ص، ق، ن من العربي المبين. أما المركبات مثل حم، ألم، المص. حم عسق، فأيضاً -بعد الدلالة على أنها أسماء للسور التي تبتدأ بها- صارت من العربي المبين.
فإن قلت: إنها كلمات لم تعرفها العرب، قلنا: إنهم كانوا يسمّون بالمركبات، فيعطونها معنى خاصّاً لم يفهم من مفرداتها. فكانوا يسمّون رجالهم وأولادهم وأفراسهم وألويتهم وأسيافهم بأسماء خاصة، ولم تكن العرب تعرف هذه الأسماء بهذه المعاني، وإنما تعرف المعاني العامة لتلك الألفاظ. ولكن استعمال الذين جعلوا هذه الأسماء بإزاء المعاني الخاصة كان يدلّ السامع على وضعها الجديد، وذلك لا يسمّى خروجاً عن الإبانة. فهكذا تسمية السور بهذه الأسماء- بعد الدلالة على ما وضعت لها لم تخرجها عن الإبانة.
فإن قيل: إن الأسماء التي كانت العرب تضعها بإزاء المعاني الخاصة لم تكن خالية عن مناسبة بين مدلولها العام ومدلولها الخاص، وأما هذه الحروف المقطعة فلا نجد مناسبة بينها وبين السور. قلنا: عدم العلم بمناسبة بين الاسم والمسمى لا بأس به بعد الدلالة على ما خصّ به. فإن أكثر الأسماء الجوامد لا نعلم المناسبة بينها وبين مسمّياتها. ثم لا يلزم من جهل المناسبة نفيها. فإنّا نعلم أن الله تعالى لم يخلق شيئاً إلا=