التفات (١). وأيضاً فيه خطاب إلى غير ذوي العقول).
وقال امرؤ القيس:

وغيثٍ من الوسميِّ حُوٍّ نباتُه تبطّنتُه بشيظَمٍ صَلَتانِ (٢)
[وقال زُهير بن أبي سُلمى:
وغيثٍ من الوسميّ حُوٍّ تِلاعُه أجابت روابيه النِّجا وهوَاطِلُهْ (٣)
= نزل المشيبُ فما له تحويلُ ومضى الشبابُ فما إليه سبيلُ
ولقد أراني والشباب يقودني ورداؤه حسنٌ عليّ جميلُ
٩ - وقال دريد بن الصمة من أبيات في حماسة البحتري ٢٦:
وإنّني رابني قَيدٌ حُبِستُ به وقد أكون وما يُمشى على أثَري
١٠ - وقال عدي بن زيد العبادي من أبيات في حماسة البحتري (١٨٠) أيضاً:
ولقد يُصاحبني الشبابُ فلم أكن آتي به إلا الفعَال الأصوَبا
وقد لحظ ذلك "بعض النحويين" فذكر- كما حكى عنه أبو حيان في البحر (٢: ٢١) "أن مما يصرف المضارع إلى الماضي: قد، في بعض المواضع"، ومنه ﴿قد يعلم ما أنتم عليه﴾، ﴿ولقد نعلم أنك يضيق صدرك﴾، ﴿قد يعلم الله المعوقين منكم﴾ وقال الشاعر:
لعمري لقومٌ قد نرى أمس فيهم مرابطَ للأمهار والعَكَرِ الدَّثِرْ
قلت: البيت لامرئ القيس والاستدلال به صحيح، ومنه قوله تعالى: ﴿قد نرى تَقَلُّبُ وَجْهِكَ في السَّمَاء﴾ انظر العكبري ١: ١٢٥، أما الآيات الثلاث السابقة فالأظهر أن (قد) فيها للتحقيق، كما سيأتي تحت كلمة (حرد).
(١) انظر أساليب القرآن: ١٩ - ٢٤.
(٢) البيت من قصيدة في ديوانه: ٨٧. ويروى: حُوٍّ تلاعُه. الغيث: أراد به الكلأ. الوسمي: أول المطر. تبطنتُه: سلكتُ بطنَه وسِرتُ فيه. الشيظم: الطويل الجسيم الفتي الرائع، يعني الفرس. الصلتان: النشيط الحديد الفؤاد.
(٣) البيت من قصيدة في ديوانه (ثعلب): ١٠٣ و (الأعلم): ٤٧ وصلة البيت بعده:
هبطتُ بممسود النواشر سابحٍ مُمَرٍّ أسيلِ الخدّ نَهْدٍ مراكلُه
قال الأعلم: التلاع: مجاري الماء من أعلى الأرض إلى بطن الوادي. النجاء جمع نَجوة: وهي المرتفع من الأرض. وقصر النجا ضرورة، وهي تبيين للروابي كالنعت. الهواطِل: جمع هاطلة وهي سحابة يدوم ماؤها في لين. أي أجابت روابيه النجاء بالنبت، وأجابت هواطله بالمطر.


الصفحة التالية
Icon