لكن العلم الذي غلب عليه هو علم القرآن الذي بلغ فيه إلى منزلة تتقاصر دونها الهمم. ونكتفي هما بلمحة موجزة عن ثقافته الواسعة التي امتازت في كل جوانبها بالكيف أكثر من الكم.
قد اعترف أقران الفراهي وشيوخه بعلو منزلته في معرفة اللغتين الفارسية والعربية فيقول الأستاذ عبد الماجد الدريابادي: "قد بذّ العلامة الفراهي في الآداب الفارسية والعربية أقرانه بل شيخه شبلي النعماني أيضاً" (١) وقد ذكرنا فيما سبق معارضته -وهو ابن ستة عشر عاماً- للشاعر الفارسي الشهير (خاقاني) بقصيدة صعبة الرديف بهرت أحد كبار علماء الفارسية وخيّل إليه أنها لبعض الشعراء المتقدمين.
وقد طبع ديوان شعره الفارسي عام ١٩٠٣ م فأرسل العلامة شبلي النعماني نسخة منه إلى الأمير العالم صاحب المكتبة الشهيرة الشيخ حبيب الرحمن الشيرواني وكتب إليه: "طبع شيء من شعر حميد الدين، نرسل إليكم نسخة منه، ولعلكم تنظرون في القصيدتين اللتين في آخر الكتاب لتتذوقوا اللسان الفارسي الأصيل" (٢). وقد طبع الديوان مرة أخرى في طبعة أوفى بعنوان (نواي فهلوي) سنة ١٩٦٧ م.
للفراهي ديوان آخر ترجم فيه صحيفة أمثال سليمان إلى الفارسية الدريّة التي لا يشوبها شيء من ألفاظ العربية، وقد طبع في حياته في حيدر آباد بعنوان (خردنامه).
ومما يدل على علو كعبه في الآداب الفارسية رسائل العلامة شبلي النعماني إليه في أثناء تأليفه كتاب (شعر العجم)، يقول في بعضها: "الآبيات التي سترسلها إلي من شاهنامة الفردوسي، ينبغي أن تفسر الغريب من ألفاظها في مواقعها، فإن أكثر ألفاظها غير مألوفة الآن" (٣). وكتب في رسالة أخرى:

(١) مقاله (مولانا حميد الدين الفراهي) في صحيفة الداعي، عدد ٣ ديسمبر ١٩٧٦م.
(٢) مكاتيب شبلي ١: ١٢٤.
(٣) المرجع السابق ٢: ٢٨، وكتاب شعر العجم في تاريخ الشعر الفارسي في خمسة مجلدات.


الصفحة التالية
Icon